31. قوانين الحركة السعرية.

تعتمد الأسعار في حركتها على نفس القوانين الفيزيائية الموجودة في الطبيعة.  ومن أهمهم، القوانين الثلاثة التي وضعها العالِم الكبير “إسحاق نيوتن“. وفيما يلي شرح مبسط لقوانين نيوتن الثلاثة. ولكنني غيرت من صيغة القوانين الثلاثة بحيث تتلاءم مع أسواق المال. وسوف أطلق عليهم “قوانين نيوتن لحركة الأسعار“.

قانون نيوتن الأول لحركة الأسعار.

“تستمر الأسعار في نفس الحالة من الحركة ما لم تؤثر عليها قوى خارجية تُغيِّر من تلك الحالة.”

مثلًا، إذا كانت أسعار أسهم شركة ABC صاعدة، فإنها تستمر في الصعود بنفس المعدل طالما لم تظهر أي عوامل تُغيِّر من نمط الصعود وقوته.

إنه أمر بديهي ومنطقي تمامًا. لأن الأسعار التي نراها على شاشة التداول هي نتاج تفاعل قوى العرض والطلب. وطالما أن هذه القوى تميل إلى التحرك بشكل معين، فإن حركة الأسعار ستعكس هذا. فلو كان الطلب أقوى من العرض فإن الحركة الصاعدة ستستمر في الصعود. كما حدث مع سَهْمِ ABC.

قانون نيوتن الثاني لحركة الأسعار.

“التسارع الذي تكتسبه حركة الأسعار يتناسب طرديا مع القوة المؤثرة عليها، وعكسيًا مع حجم التداول.”

ما يريد أن يقوله لنا هذا القانون هو أن الأوراق المالية ذات الحجم الكبير تحتاج لقوة كبيرة حتى تؤثر في حركتها. وبالعكس، فإن الأوراق المالية ذات الحجم الصغير يمكنها أن تتحرك بسهولة لو أثرت بها أي قوة خارجية.

وهذا أمر منطقي تمامًا. فلو افترضنا أن لدينا ورقتين ماليتين وهما السهم ABC والسهم XYZ. وكان سعر كِلاَ السهمين هو عشر دولارات. وكان حجم التداول من أسهم ABC هو مئة ألف سهم، وحجم التداول الخاص بسهم XYZ هو مئتي ألف سهم. فمن خلال هذه البيانات سوف ندرك أنه كي يرتفع سهم XYZ فإنه سيحتاج إلى ضعف المقدار من الأموال الذي يحتاجها سهم ABC.

فكلما ارتفع الحجم المتاح للتداول كلما احتاجت الأسعار لقدر أكبر من الطلب حتى ترتفع، وإلى حجم أكبر من العرض كي تنخفض.

قانون نيوتن الثالث لحركة الأسعار.

“لكل فعل رد فعل، مساوٍ له في المقدار، ومعاكس له في الاتجاه.”

لو نظرت لأسواق المال بصورة عامة ستجد أن هذا صحيح تمامًا. فكل حركة سعرية تنبع من عرضٍ يقابلهُ طلبٌ مُساوٍ له في المقدار ومضادٌ له في الاتجاه.

حتى المشاعر في أسواق المال تعمل بصورة متقابلة. فكلُ طمعٍ في المكسب يقابلهُ خوفٌ من الخسارة. إن وجود الفعل وردَّ الفعل هو السبب الرئيسي في حركة الأسعار من صعود لهبوط وبالعكس.

قصة العبقري إسحاق نيوتن في سوق الأسهمِ.

على الرغم من الارتباط الكبير ما بين حركة الأسعار في الأسواق وقوانين الطبيعة والفيزياء إلا أنه من الطريف أن نذكر قصة فشل العالِم إسحاق نيوتن في المُضارَبة في الأسهُم.

كان إسحاق نيوتن، عبقريًا في علومِ الطبيعة والفيزياء، ولكنهُ لم يكن عبقري في الاستثمار في سوق الأسهم. ففي عام 1720، شاركَ نيوتن في فُقاعةِ أسهم شركة “بحر الجنوب” – وهي فُقاعة سعريَّة ضخمة اجتاحت سوق الأسهم في إنجلترا. في البداية، حقق نيوتن رِبحًا ضخمًا من خلالِ شراء وبيع أسهم الشركة. لكن سرعان ما تحولت فُقاعة بحر الجنوب إلى انهيار كبير، وخسر نيوتن ثروة طائلة.

بعد هذه التجربة المريرة، قال نيوتن عِبَارته الشهيرة:

“أستطيع حساب حركة الأجرام السماوية، لكن لا يمكنني حساب جنون البشر”.

وهذه القصة مهمة، لأنها تُظْهِرُ أهمية الاعتماد على الأركان الأربعة معًا للنجاح في أسواق المال. فعلى الرغم من اعتماد “إسحاق نيوتن” على أسلوب سليم لتحليل الأسعار، ولكنه افتقد لباقي أركان التداول، وخصوصًا التحليل السَيكولوجي لنفسية المتعاملين في السوق. ولهذا خَسِرَ في النهاية. فالبشر يشتركون مع الأجرام السماوية في اتباع نفس القوانين الفيزيائية، ولكن الفَرْقَ هو، أن الأجرام السماوية ليس لديها مشاعر مثل الطمع والخوف، لذلك فإنَّ توقُّعَ حركتهِم أكثرَ سهولة.

ختاما

بهذا نكون قد رأينا كيف نستخدم قوانين نيوتن الثلاثة في المُضاربة داخل أسواق المال. أما الآن، فهيا بنا لكي ننتقل إلى الموضوع التالي من هذا القسم في الدورة التدريبية.

العودة إلى الفهرس

Scroll to Top