بينما كان نيكولاس دارڤاس يجوب العالم في عرضٍ مسرحيٍّ راقصٍ، كان يعتمد في متابعته للسوق وفي تنفيذ أوامر البيع والشراء الخاصة به على نظام البرقيات أو التلغرافات، حيث كان يُتابع ويحلل السوق من خلال صحيفة البارونز التي رتَّب مع سمساره أن تصله بالبريد على المدينة التي سيقدِّم بها عرضه الراقص، ثم كان يرسل للسمسار برقيات لمتابعة أسعار الأسهم التي جذبت انتباهه. وعندما يقرر الاستثمار في أحدها كان يُرسل أوامر الشراء وتعديل وقف الخسائر من خلال البرقيات. وحتى عندما عاد إلى أمريكا، اعتمد على البرقيات بصورة كاملة في التواصل مع السمسار لكي يتجنب الاحتكاك المباشر بالسوق، وما يجلبه له من تأثير نفسي سلبي قد يؤثر بصورة أو بأخرى على قراراته حول الاستثمار في الأسهم.
يعتبر نيكولاس دارڤاس أول شخص اتبع نظامًا ثابتًا للتداول بوسيلة التلغراف. وفي العصر الحديث، أصبح من المعتاد أن يتابع المتداولون السوق من منازلهم أو أي مكان آخر، بواسطة أجهزة الكمبيوتر الشخصي، وأن يصدروا من خلال هذه الأجهزة أوامرهم للسوق. وبذلك يُمكننا القول بأن نيكولاس دارڤاس هو الأب الروحي لِمَا يعرف الآن بالتداول الإلكتروني للأوراق المالية.
في الصفحات التالية، صور لبعض البرقيات التي كان يرسلها نيكولاس دارڤاس لسمساره من مختلف بلدان العالم.
كان دارڤاس يبدأ بالبحث في قوائم أسعار الأسهم في جُرنال البارونز، ليستخلص منها تلك الأسهم التي ترتفع أسعارُها بصورة طردية، مع ارتفاع مماثل في حجم التداول الخاص بها. ففي هونج كونج لاحظ دارڤاس ارتفاعًا غير عادي في حجم التداول الخاص بسهم ” إي. إل. بروس”، فأرسل برقية للسمسار يطلب منه متابعة أسعار سهم “بروس”.
عندما كان يكتشف دارڤاس أن هناك سهمًا يتبع شروط نظريته في التداول، كان يقوم بعملية شراء استكشافية. لقد كان هدفه من وراء ذلك هو “الإحساس” بحركة السهم للحكم عليه إذا كان استثمارًا جيدًا أم لا. ومن عاصمة الهند نيودلهي، أرسل دارڤاس برقية يطلب فيها من السمسار شراء 200 سهم في شركة “ثايكول الكيميائية” على 47 ¼. وكانت هذه العملية الاستكشافية هي بداية الطريق لأن تتحقَّقَ له ثروة اقتربت من مليون دولار في هذا السهم وحده.
بالإضافة لأمر الشراء السابق، فقد أعطى في البرقية التالية أيضًا أمرًا بزيادة كميته في سهم “المنتجات العالمية”، وأيضًا أمرًا بمتابعة سهم “الشرق للإستانلس ستيل” EASTERN STAINLESS STEEL.
بعد أن يقوم دارڤاس بعمليته الاستكشافية، كان يراقب السهم، فإذا سار حسب النمط الذي يراه مناسبًا له كان يقوم بالمزيد من عمليات الشراء.
البرقية التالية من اليابان، حينما أرسل أمر الشراء الثالث له في سهم “لوريلارد”، الذي كان بمثابة الانطلاقة التي حقق من ورائها 2,000,000 دولار في ثمانية عشر شهرًا فقط.
كان دارڤاس حريصًا بعد كل شراء على تحريك أوامر وقف الخسائر الخاصة به خلف الحركة الصاعدة لخط الأسعار.
فبينما كان في هونج كونج عاصمة الصين في أبريل 1958، شعر بعدم الراحة بسبب حركة سهم “داينرز كلب” الذي كان يرتفع بصورة ثابتة في الماضي. وفي البرقية التالية وضع أمرَ وقفِ خسائرَ قريبًا من خط الأسعار، ممَّا أخرجه من هذا السهم بأرباح كبيرة.