القصة وما فيها
منذ عدة سنوات زاد اهتمامي ببرمجة معادلات مؤشرات التحليل الفني ومحاولة ابتكار الجديد منها؛ ومع الوقت قمت بطرح مؤشراتي الفنية على موقع MQL5 في قسم السوق، وقد لاقت استحسان الجمهور، لهذا قررت أن افتح حساب تداول لكي استخدم هذه المؤشرات والأدوات، حتى يرى جمهوري من العملاء أن هذه الأدوات لديها حقًا القدرة على تحقيق الربح في السوق بصورة ثابتة ومستمرة. وانطلاقا من هذه الفكرة قمت بفتح حساب تداول في بورصة العملات في يناير 2022 ثم ربطته مع خدمة الإشارة التي يقدمها موقع MQL5 تحت اسم Two Million Pips، ثم فتحت قناة على تطبيق التلجرام حتى يستطيع جمهوري متابعة الصفقات هناك فيتأكد من مصداقية أدواتي الفنية وقدرتها على تحقيق الأرباح سواء لي ولهم.
مع الوقت بدأت الاحظ أن النجاح الذي حققته هذه الأدوات قد فاق توقعاتي، وأنه ليس صدفه؛ إنه نجاح حقيقي، وهو ما سأوضحه في هذا المقال من خلال تحليل مؤشرات الحساب المالية؛ فهيا بنا.
هل نجاحك صدفة
من فترة إلى أخرى أسمع عن شخص حقق عوائد كبيرة جدًا في بورصة العملات “الفوركس”. وعندما يقوم هذا الشخص بعرض حسابه يتضح لي أنه قد حقق هذا العائد نتيجة صدفه أو ضربة حظ لا يستطيع هو شخصيا أن يكررها في المستقبل. يتلازم ظهور هذا النوع من العوائد الهلامية مع قلة عدد الصفقات من جانب، وقصر مدة الحساب من الجانب الآخر. ولكن لو نظرت لبيانات حساب Two Million Pips ستجد أنه على العكس تمامًا مما سبق. فإجمالي عدد الصفقات قد تخطى حاجز 4500 صفقة تمت على مدى 122 أسبوع أو 23 شهرًا؛ أي أن متوسط عدد الصفقات الأسبوعي هو 37 صفقة في المتوسط أو خمس صفقات في اليوم. لذلك فإن مثل هذه النتائج لا يمكن أن تكون وليدة الصدفة أو الحظ، ولكنها نتجت عن الالتزام بخطة تداول واضحة لأطول فترة من الزمن بكل ما يحمله من مطبات وعثرات طوال هذه المدة.
التنوع وتحقيق العائد
في فترة ما انتشرت الأخبار حول مُضارب فوركس أسطوري كان يحقق 43% عائد سنوي لعدة سنوات. وعندما بحثت أكثر في قصة هذا الرجل وجدت أن معظم تداولاته كانت في الذهب XAUUSD وخلال تلك الفترة كان الذهب يتحرك تقريبًا في صورة خط مستقيم لأعلى؛ وهنا أدركت أن جانب كبير من نجاح هذا المُضارب الأسطوري كان يعود للحركة الصاعدة للذهب في ذلك الوقت، بدليل أنه عندما انتهت هذه الحركة الصاعدة ودخل الذهب في مرحلة من الحركة العرضية فقد هذا المُضارب بريقه الصحفي وتوقفت الأخبار عن نجاحاته في أسواق الفوركس.
وعلى الجانب الخاص بنا، فلو نظرت لخطة التداول المستخدمة في حساب Two Million Pips ستجد أنها كانت تتداول على 28 زوج من العملات، هذا غير التداول على الذهب. إن هذا العدد الكبير من الأزواج يفسر السبب في أن عدد الصفقات تجاوز الـ 4500 صفقة. كذلك فهو يظهر أن الخطة قادرة على النجاح مهما اختلف زوج العملة الذي يتم التطبيق عليه. فالنجاح يعود للخطة نفسها وليس للورقة المالية التي تباع أوتشترى.
ما هي خطة تداول Two Million Pip
بالنسبة لنقطة الدخول فكنت ابحث دائمًا عن زوج العملات الذي يتحرك في اتجاه واضح أعلى أو أسفل من مؤشر Berma Bands، كذلك فإن نقاط مؤشر True Direction Oscillator – TDO تكون كلها بلون واحد سواء كان أزرق للصعود أو أحمر للهبوط. هذا كل ما في الأمر بالنسبة لنقاط الدخول.
كنت اعتمد على إطار زمني 1 ساعة؛ وما كنت لألتفت للأطر الزمنية الأخرى. ففي معظم الأوقات لا ألقي بالًا سوى بالإطار الزمني الذي اتداول عليه وهو 1 ساعة في معظم الأوقات.
يقضي معظم المُضاربين الكثير من الوقت في تحليل السوق بحثا عن نقطة الدخول المناسبة لدرجة مبالغ بها. ولكنني تعلمت بالممارسة لهذه المهنة أن تحديد نقطة دخول الصفقات لا يمثل سوى الجزء الأولي من أسباب نجاح أي صفقة، أما الجزء الأكثر أهمية فهو كيفية الخروج من الصفقة، فهذا هو الأهم. لذلك قد ابتكرت أداة Berma Manual EA والتي تساعدني في بناء شبكة من الأوامر تحيط حركة الأسعار بما يمكنني من الخروج على ربح في معظم الصفقات.
التحوط والخروج من الصفقات المفخخة
على الرغم من قوة خطة التداول التي اعتمدت عليها ولكنني تعرضت لثلاثة صفقات اعتبرها فخاخ كان من الممكن أن تؤدي لهلاك حساب التداول. فقد تعرضت في 2022 لاثنين من الصفقات المفخخة في زوجيّ الـ AUDNZD وEURNZD، أما في 2023 فقط تعرضت لصفقة مفخخة أخرى في الـ NZDUSD. وقد تخلصت من الصفقات الثلاث باستخدام التحوط Hedge حيث كنت أقوم ببناء مراكز معاكسة للمراكز الخاسرة حتى أحقق أرباح تغطي الخسائر العائمة لهذه الصفقات فأتخلص بذلك من أثرها السيء وأغلقها على ربح في النهاية. فمن المزايا الهامة للمُضاربة في سوق الفوركس رغبة جميع أزواج العملات بالعودة للمنتصف Revert to the Mean، فما أن يتحرك أحد أزواج العملات في اتجاه واضح سواء صاعد أو هابط مُبتعدًا عن منطقة المنتصف فإنه في النهاية يعاود الرجوع إليها. بالطبع كان من الممكن جدًا أن يتم سحق الحساب ولكنني حاولت قدر المستطاع أن أجعل دفة الأمور تسير إلى جانبي من خلال تحقيق أرباح في الاتجاه المعاكس للصفقات الخاسرة في انتظار أن ترتد الحركة السعرية لمنتصفها فيتم اغلاق ما كان خسران من الصفقات على ربح.
رغم أن خطة التحوط نجحت في انقاذ الحساب من ثلاث صفقات مميته ولكنها أدت إلى نسبة تراجع Draw Down كبيرة. إن هذه النسب الكبيرة من التراجع يكثر رؤيتها في خطط التداول التي تعتمد على نظام الإضافة للمراكز الخسرانة. وهي ليست بالشيء السيء طالما يتم السيطرة عليها من خلال زيادة الصفقات الرابحة للقدر الذي يغطي هذا التراجع.
يضحك كثيرًا من يضحك أخيرًا
علي مدى عامين كاملين تقريبًا كنت اتابع السوق بصورة يومية، وقد استمريت في جني الأرباح بمتوسط شهري +9.25%، ومن خلال تراكم العائدات حققت أرباح تراكمية قدرت بـ 626%، أي أن كل دولار استثمرته في هذا الحساب عاد عليّ بـ 6.26 دولارًا من الأرباح. ولكن يجب أن أذكر هنا أن قيمة الدولار بالعملة المصرية عندما فتحت الحساب كانت 15.75 جنية مصري وقيمته الآن هي 51 جنية مصرية وبإجراء حسبة بسيطة ستجد أن قيمة أرباحي بالعملة المصرية هي 1927% = ( (6.26*51) – 15.75) / 15.75 * 100) لذلك فإن ما حدث معي كان أشبه بالمعجزة، وقد أردت أن أشارك معكم تلك اللحظات الفريدة في حياتي كمُضارب في أسواق المال لعلها تكون مصدر إلهام لكل من يقرأ هذه المدونة.
إن هذا النجاح قد وضع على عاتقي مسؤولية كبيرة. فقد كشف لي أن أرباح المُضاربة في أسواق المال قد تفوق التوقعات التي يضعها المرء لنفسه. ولكن الخسائر موجودة وممكنة في نفس الوقت. لذلك فقد بات على أن أكون أكثر حذرًا في انتقاء صفقاتي. كذلك فإن على أن أنمي مهاراتي في المُضاربة من خلال المزيد من الاطلاع واجراء المزيد من أبحاث السوق. كذلك فإن عليّ أن أهتم أكثر بخطط الخروج من الصفقات مثل استخدام وقف الخسائر المتحرك وغيره من الطرق الخاصة بإدارة المخاطر المالية؛ فعالم الفوركس مبني في الأساس على الروافع المالية الضخمة، وكما أن هذه الروافع المالية لها مميزاتها فإنها قد تكون مهلكة وتؤدي للإفلاس.