لقاء صحفي مع نيكولاس دارڤاس – الجزء الأول

مقدمة المترجمة

يعد هذا اللقاء الصحفي الحصري الوحيد مع نيكولاس دارڤاس، والذي تم في عام 1974، أي بعد نشر كتابه “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم” بحوالي أربعة عشر عامًا. وكان لي الشرف بأن قمت بترجمته للعربية، لأنه يحتوي على إجابات لبعض الأسئلة التي تدور في أذهان عامة الناس حول طريقة دارڤاس في المُضاربة في سوق الأسهم، ومدى جدواها بعد مرور عدة أعوام على الإعلان عنها في كتابه.

لقد حاولت أن تكون ترجمتي للعربية سهلة الاستيعاب ومرتبطة بالنص الأصلي قدر المستطاع. ففي الحوار الأصلي، استخدم الصحفي المحاور لقب “نيك” كتصغير لاسم “نيكولاس”، وقد استخدمت في ترجمتي لقب ” دارڤاس” بدلًا من “نيك”، لأنه يتلاءم أكثر مع ثقافتنا العربية.

بالطبع فإن فهمك لهذا الحوار الصحفي يعتمد في الأساس على قراءتك لكتاب دارڤاس الأول “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم” والذي يعد واحد من أهم الكتب في عالم المُضاربة في أسواق المال لأنه يسرد تجربة حقيقية بكل تفاصيلها لمُضارب استطاع أن يجد طريق النجاح.

أتمنى أن تجدو في هذا الحوار ما يفيدكم،
محمد البرماوي – باحث في أسواق المال
19 أغسطس 2023

لقاء صحفي مع دارڤاس

الصحفي: مرحبًا دارڤاس. إنه لمن دواعي سروري مقابلتك شخصيًا. شكرًا لموافقتك على إجراء هذه المقابلة. اهلا وسهلًا من فضلك خذ راحتك.

دارڤاس: شكرًا لاستضافتي، ويسعدني دائمًا مناقشة الأسهم وسوق الأسهم.

دارڤاس 1960
دارڤاس 1960 – بعد أن نشر أول كتاب له

الصحفي: دارڤاس، هل تمانع إذا بدأنا الحديث مباشرة عن أسواق الأسهم؟ فأنا لا أستطيع الانتظار لكي ألتقط ما يدور في عقلك عن هذا الموضوع. في الواقع، إنني انتظرت لسنوات عديدة للقيام بذلك.

دارڤاس: بكل تأكيد … فهذا ما أنا هنا من أجله.

الصحفي: حسنًا، بعد النجاح المذهل الذي حققته في أواخر الخمسينيات وبعد نشر كتاب “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم”، كيف غير ذلك حياتك؟

دارڤاس: كانت فترة رائعة في حياتي. انتقلت من شخص يمتلك 25،000 دولار، وهو كل ما أملكه في ذلك الوقت، إلى مليونير في فترة زمنية قصيرة جدًا. لكنني اندهشت من الدعاية التي أثرتُها في مجلة “تايمز” Times Magazine عام 1959. فأنا لم أتوقع أبدًا أنه سيكون هناك مثل هذا الاهتمام الكبير بمُضارب أسهم منفرد. ثم كان نجاح كتابي إنجازًا كبيرًا آخر في حياتي. كما تعلم، بيعت أكثر من 400،000 نسخة في السنة الأولى. من المؤكد بحلول عام 1960، أنني كُنت أكثر ثراءً مما كُنت أحلم به في أي وقت مضى؛ لكن حياتي لم تتغير أبدًا. واصلت الرقص المسرحي والاستثمار. تمكنت من شراء المزيد من العقارات في جميع أنحاء العالم بواسطة نجاحي في المُضاربة. لقد كُنت ممتنًا لذلك. وعلى المستوى الشخصي، فإن ذلك لم يغيرني ولو بقدر قليل.

الصحفي: سعيد لسماع ذلك، دارڤاس. وصلني هذا الانطباع عنك. فيبدو أنك رجل مخلص جدًا لمبادئك. هل تعتقد أن هذا السلوك ساعدك على النجاح في سوق الأسهم؟

دارڤاس: ربما ليس عليَّ أن أقول هذا. لم أشعر قط بالإحباط من الخسائر. لم يزعجني أبدًا في أي وقت وجودي خارج السوق لعدة أشهر. ولأن نظامي كان يملي عليَّ متى أخرج من سهم رابح، فإنني لم أشعر أبدًا بالقلق أو التوتر بشأن هؤلاء الفائزين.

إذا نظرنا إلى الوراء، أعتقد أنه كان من الرائع حقًا كيف أمكنني الانتقال من 25،000 دولار إلى أكثر من مليوني دولار بهذه الرصانة. هذا أنا. بعد النجاح الهائل في أواخر الخمسينيات، أخذت جزءًا من أرباحي من سوق الأسهم واستثمرت في العقارات. شعرت أنه لن يكون هناك جدوى من النجاح الكبير إذا لم أر شيئًا ملموسًا من وراء ذلك. بعدها شعرت وكأنني مجرد مشارك في لعبة. إذا اتبعت القواعد فزت بالمال. لكن إذا كسرتهم خسرت. كان التحدي الخاص بي هو اتباع القواعد.

الصحفي: إذن أنت تعترف بأنك مازلت ترتكب أخطاء في سوق الأسهم؟

دارڤاس: بالطبع ارتكب الأخطاء. فمن الصعب جدًا عدم تجربة ومحاولة جني المال السريع حتى ولو كان لديك أسلوبك الفريد لجني المال. فمن حين لآخر أجد نفسي أتأرجح وأكسر القواعد فأخسر المال، ولكن ليس كثيرًا هذه الأيام.

الصحفي: ما هو أكثر سؤال يتم طرحه عليك دائمًا عندما يكتشف المتداولون أنك نيكولاس دارڤاس؟

دارڤاس: هذا سهل. هل يمكنني الحصول على توقيعك وهل يمكنك أن تقرضني بعض المال؟

الصحفي: ها، ها، (يضحك) حقًا؟

دارڤاس: لا، أنا فقط أمزح معك. حسنًا … السؤالان الأكثر طرحًا عليَّ؟ … دعني أفكر … سيكونون على الأرجح:

1) هل تغيرت الأسواق؟
2) هل يمكنك أن تعلمني كيفية التداول؟

الصحفي: حسنًا دارڤاس، هل يمكنك الإجابة على هذين السؤالين من أجلنا؟

دارڤاس: بالتأكيد. إجابة السؤال الأول “هل تغيرت الأسواق؟” الإجابة باختصار هي “لا”. فكما تعلم فإن أسواق المال هي ببساطة عبارة عن مشاعر المُضاربين معكوسة على هيئة دولارات. يحتاج الناس حقًا لأن يضعوا هذا في رؤوسهم. فالأمر لا يتعلق بالمنطق؛ نتائج أعمال الشركات والحسابات ولكنه يتعلق بالمشاعر. وعندما يتصادم كل من العاطفة والمنطق، فإن العاطفة ستخرج دائمًا للمقدمة. إن الأسلوب الذي قمت بالمُضاربة به في الخمسينات وصنعت من خلاله مثل هذه الأرباح الرائعة يعتمد ببساطة على نفس المنهج الذي استخدمه “ليڤرمور” و”باروش” من قبلي. لقد استخدمت نفس الطريقة للمُضاربة خلال الستينيات والسبعينيات. وأنا على يقين أنني سأستخدم نفس الأسلوب حتى لو كان ذلك في عام 2000. فكل شيء يتعلق بركوب موجات المشاعر حتى تصل إلى ذروتها القصوى. فالثروات الكبيرة تصنع من هذه الموجات. هذا جنون، ولكننا مجرد بشر.

وحيث أنني قد ذكرت ذلك ففي حين أن المنهج يظل صحيحًا فإن آلية تطبيق هذا المنهج تتغير. فنظرًا لأن المزيد والمزيد من المُضاربين يطبقون نفس الأسلوب للدخول والخروج من الأسهم فإن متداولي القاعة عند ذلك يرون صفقات سهلة لسلب الحشود. لذلك فإن أسلوب دخولي خلال فترة الخمسينيات أختلف قليلًا عن ذلك الذي استخدمه الآن في السبعينيات. فأنت ببساطة تبحث عن الأسلوب الذي يعمل ثم تستخدمه.

الصحفي: تلخيصًا لما سبق. يظل المنهج الرئيسي دائمًا صحيحًا؛ أما آلية المُضاربة فسوف تتغير من وقت لآخر.

السؤال الثاني: “هل ستعلمني المُضاربة؟”

دارڤاس: الإجابة باختصار هي “لا”، فأنا لست مدرسًا، ولم يكن في نيتي تعليم الناس كيفية التداول بنجاح في سوق الأوراق المالية. لكن لديك كل ما تحتاجه لاستخدام أسلوبي في كتبي الثلاثة.

هذا في الأساس كل ما يحتاجه المرء لاستخدام طريقتي. من المؤكد أن الأمر يستغرق وقتًا وجهدًا لفهم كيفية التداول بطريقتي حقًا. لكن كل شيء هناك.

الصحفي: أنا أعرف ما تعنيه يا دارڤاس. ولكن هناك بعض “الثغرات” في كتبك التي أتوق لأسألك عنها. فهل تسمح لي؟

دارڤاس: حسنًا، تفضل.

الصحفي: أنت تقول إنك لا تتداول أبدًا في سوق هابطة. أنت تتداول فقط عندما يكون لدى السوق “أفضل فرصة لمنحك صفقة رابحة” وهذا يكون في السوق الصاعد. فكيف يمكنك معرفة ما إذا كان السوق الحالي هو سوق صاعد أم سوق هابط؟

دارڤاس: أوه، هذا صعب ومعقد حقًا. (يمزح) ليس فعلًا. أنا ببساطة ألقي نظرة على الرسم البياني الأسبوعي للمؤشر العام للسوق على مدى الأشهر الستة الماضية. إذا كان ينخفض فنحن في سوق هابط. وإذا كان يتحرك بشكل جانبي أو صاعد، فأنا أبحث عن الأسهم الخاصة بي. إن الأمر بهذه البساطة.

الصحفي: هذا كل شيء؟ ها، ها (يضحك) … هذا مذهل. يقضي كل هؤلاء المحللين ساعة بعد ساعة في دراسة جميع أنواع التقارير الاقتصادية والاتجاهات والتوقعات وما إلى ذلك … وأنت تنظر ببساطة إلى الرسم البياني الأسبوعي للمؤشر العام. ألا يجب عليهم أن يفعلوا الشيء نفسه؟

دارڤاس: على الأرجح هو كذلك. أنا أيضًا أضحك على الطريقة التي يعمل بها خبراء الأسواق. إن عليهم تبرير وظائفهم بطريقة ما؛ وهذا قد يعني أن دراسة التقارير وكتابة التوقعات قد يكون جيد بالنسبة لهم. ولكنك ستجد دائمًا أن أبسط الطرق تعمل بشكل أفضل. هذا هو السبب في أنني لم أدرس أبدًا التحليل الفني الوهميّ. إنه ببساطة غير منطقي بالنسبة لي.

الصحفي: ما الذي تعنيه “بالتحليل الفني الوهمي”، يا دارڤاس؟

دارڤاس: حسنًا، كما تعلم، فإن منهجي التحليلي يبدو منطقيًا بالنسبة لي. أنه واضح بالدرجة التي تسمح لي بأن أشرحه إلى شريكتي (التي لا تعرف أي شيء إطلاقًا عن الأسهم) وهي ستفهم الأسباب التي جعلت منهجي التحليلي يعمل بنجاح. باختصار، يجب على المنهج التحليلي أن يتحلى بالكثير من المنطق العملي السليم. إن منهجي هو ببساطة البحث عن أكثر الأسهم طلبًا، في أفضل قطاع، في سوق لا يتجه إلى الأسفل. كُنت أقتنيهم بقدر ما يسمح لي صعودهم ثم أتركهم عندما ينتهي هذا الصعود … هذا منطقي، أليس كذلك؟ ولكنك إذا سألت الكثير من المُضاربين عن منهجهم التحليلي فإنهم سيذكرون مباشرة نظرية إليوت، مستويات فيبوناتشي، الدورات الزمنية، الخ … وسؤالي دائمًا هو “لماذا سيرتفع السهم بسبب هذا؟” ولكن دائمًا ما أُترك مع تفسير فارغ المعنى. إنهم ببساطة لا يمتلكون سبب صحيح للمُضاربة على الأسهم بهذه الأساليب. إن أساليبهم لا تمتلك المنطق السليم لدفع الأسهم لأعلى. وقد وجدت أن معظم أساليب التحليل الفني المعقدة كذلك. جميعها مناهج تحليلية عظيمة نظريًا ولكنها تفتقر للمنطق السليم.

من الأفضل أن يقضي المُضاربون وقتهم في إدارة أنفسهم وإدارة أموالهم بدلاً من محاولة العثور على “سر” جديد للأسواق.

إلى الجزء الثاني من اللقاء الصحفي

Scroll to Top