في كل مرة اكتب فيها عن بورصة العملات – الفوركس forex – على حسابي الشخصي في أحد وسائل التواصل الاجتماعي – خصوصًا منصة Facebook – فإنني اتلقى الكثير من الأسئلة من القراء، والتي في الغالب لا يكون لها علاقة بالموضوع الذي اكتب عنه ولكنها تكون مرتبطة بثلاث أسئلة محددة وهي:
1. ما هي أفضل شركة فوركس؟
2. ما هي أفضل وسيلة للسحب والإيداع؟
3. هل الفوركس حلال أم حرام؟
وعلى الرغم من أنني بالفعل أجيب عن هذه الأسئلة مرارًا وتكرارًا ولكنني لاحظت أن معظم المتابعين يكررون نفس الأسئلة دون توقف وكأن كل شخص يعيش في وادي منعزل مع نفسه وكأنه لا يقرأ الردود ولا يهتم بها.
لقد تكرر هذا بشكل كبير لدرجة أنني بدأت أشك في أن هؤلاء المتابعين ليسوا بشر حقيقيين وأنهم قد يكونوا مجرد حسابات وهمية تنشؤها منصات التواصل الاجتماعي ويتحكم بها الذكاء أو الغباء الصناعيّ من أجل إيهامي بأنها حقيقية. فرحت ابحث داخل هذه الحسابات، ومن خلال متابعة منشوراتهم وتواريخ صدورها وجدتهم بشر حقيقيين مثلي … هذا إذا لم يكن الذكاء الصناعيّ أذكى مني في إخفاء الحقيقة.
كانت الخطوة التالية في خطة بحثي عن السبب في تكرار هذه الأسئلة تحديدًا هي أنني ذهبت لمجرك البحث جوجل Google وبدأت أبحث عما إذا كانت إجابة هذه الأسئلة الثلاث. وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدت أن هذه الأسئلة الثلاثة هي الأكثر شيوعًا على محرك بحث جوجل، وبالتالي فهناك مئات المواقع والمدونات وقنوات اليوتيوب التي قامت بالإجابة عنها بشرح مفصل. وهو ما جعلني أسأل نفسي “لماذا يعيد الناس علىّ نفس الأسئلة التي تم الإجابة عنها مرارًا وتكرارًا من قبل؟” … وبعد تفكير طويل وصلت للإجابة التي قد تبدو بسيطة ولكنها مهمة … فالناس لا يعرفون عن مجال الفوركس سوى هذه الأسئلة الثلاث. فهذه الأسئلة البديهية البسيطة تمثل فكرة الجمهور الأعظم في الوطن العربي عن بورصة العملات. أنها تظهر شكوكهم ونواياهم حول هذا المجال. وعندما يسأل أحدهم أحد هذه الأسئلة الثلاث لي فهو وبصورة مستترة يقول لي “أنا أشكك في نواياك” … ومن هنا جاءتني الفكرة التالية، وهي:
1. أن أقوم أنا بسؤال جمهور وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأسئلة الثلاث بدلًا من أن يقوموا هم بطرح هذه الأسئلة عليّ.
2. أن أسجل إجاباتهم وأن أطرحها في صورة مقال على مدونتي
3. وفي المرة القادمة التي يسألني أحدهم سوف أطلب منه قراءة هذا المقال
ومن هنا بدأت تنفيذ الخطة، فقمت بوضع الأسئلة في صورة منشورات على صفحتي في الفيسبوك وبدأت التلقي الإجابات من جمهوري العزيز. وفيما يلي عرض للنتائج التي جمعتها من ردود جمهوري العزيز على هذه الأسئلة الثلاثة
السؤال الأول؛ ما هي أفضل شركة فوركس؟
الجميع يبحث في مجال الفوركس عن شركة يمكنه الوثوق بها. فكل يوم نسمع عن الشركات النصابة التي تتلاعب بحسابات العملاء وتحتال عليهم حتى يخسروا أموالهم في النهاية. أنها مأساة متكررة لدرجة أثرت على سمعة بورصة العملات في الوطن العربي بصورة كبيرة. ولكنني فوجئت عندما سألت جمهور المتابعين لي على الفيسبوك بأنهم على دراية بالشركات الجيدة والسيئة ربما أكثر مني – على الرغم من أنهم يعتبرونني خبير في هذا المجال. ليس هذا فقط، بل أنهم يعرفون الكثير عن هيئات الرقابة الدولية وطرق تقديم الشكاوى في حال تعرضهم للضرر من أي شركة فوركس. باختصار لقد اكتشفت أنهم هم الخبراء في هذا المجال وليس أنا!
وبإجراء مسح بسيط للإجابات التي تلقيتها فقد تم ترشيح 22 شركة فوركس. حيث إن:
- شركة Exness حصلت على 57% من الأصوات
- شركة XM التي حصلت على 13% من الأصوات
- شركة ICMarkets التي حصدت 10% من الأصوات
- شركة FBS التي حصدت 10% هي الأخرى
السؤال الثاني؛ ما هي أفضل وسيلة للسحب والإيداع؟
يواجه الكثير من المستثمرين والمٌضاربين في سوق العملات الفوركس صعوبة بالغة فيما يخص القيام بعمليات السحب والإيداع، خصوصًا في الدول التي لم تشرع التداول في بورصة العملات بعد. كذلك فإن بعض الشركات لا تقبل التعامل سحبًا وايداعًا مع بعض الدول العربية نتيجة اشتراطات هيئات الرقابة التي تخضع لها هذه الشركات. بالتالي فنحن أمام مشكلة حقيقية في هذه المسألة، لأن بورصة العملات هي بورصة عابرة للحدود وهي مبنية على فكرة سهولة وأمان نقل الأموال ما بين الدول المختلفة.
ومن هنا قمت بسؤال جمهوري العزيز على صفحة الفيسبوك الخاصة بي هذا السؤال لأرى مدى معرفتهم بأفضل وسائل السحب والإيداع في الوطن العربي. وقد أبهرني جمهوري العزيز بالإجابة الواضحة والمستفيضة وكأنهم خبراء في مجال الصرافة ونقل الأموال. وفيما يلي أهم النتائج التي وصلتني
- حصل موقع Binance على 61% من الأصوات
- حصل المودع المحلي على 25% من الأصوات
- حصل موقع البنك الإلكتروني Perfect Money على 14% من الأصوات
كما ترون فقد حدد جمهوري العزيز بدقة الإجابة وكأن الجميع يعرف الطريق لنقل الأموال من وإلى شركات الفوركس بدون عناء يذكر.
السؤال الثالث؛ هل الفوركس حلال أم حرام؟
من وجهة نظري من خلال ما تعلمته فإن هناك ثلاثة أسباب تدفع الناس للإجابة على هذا السؤال وفيما يلي توضيح لهذه الأسباب.
السبب الأول هو الدفاع عن الذات. فالإنسان عمومًا والمواطن المصري خصوصًا هو عدو ما يجهله. وعندما يصطدم الإنسان بشيء غريب عنه فإنه يتخذ وضعية الدفاع ويبدأ في الرجوع للأساسيات؛ وهذا ما يحدث غالبًا عندما تخبر شخص لا يعرف أي شيء عن الفوركس – وربما لا يعرف أي شيء عن التداول في البورصات عمومًا – معلومة من خارج مجاله المعرفي. فهو بتلقائية شديدة وبهدف الدفاع عن ذاته التي يعرفها في مواجهة هذا المجهول سيقول لك “الفوركس حرام”.
السبب الثاني هو المرجعية. هناك سبب آخر يدفع الناس لهذا الاعتقاد وهو “المرجعية”. فنحن كبشر لا نمتلك الوقت الكافي لبناء آراءنا حول كل المواضيع والمشاكل التي تواجهنا في الحياة، ولهذا فإننا نستقي هذه الآراء ممن نطلق عليهم “الخبراء” Experts. فكثير من البشر عندما يواجهون معلومة جديدة غريبة عليهم فإنهم يعودون للمرجعية التي اختاروها من أجل الوصول بسرعة لرأي حول هذه المعلومة. وفي مجال الحلال والحرام فإن الناس يعودون للرموز الدينية والذين في الغالب سيحرمون الكثير من الآراء الحديثة بما فيها الفوركس وربما التداول عمومًا.
السبب الثالث هو المصلحة الشخصية. هناك سبب أخير تعلمته من وسائل التواصل الاجتماعي! وهو مبدأ المصلحة الشخصية. فالكثير من الأشخاص يحكمون على الأمور في كونها حلال من حرام من خلال مبدأ المصلحة الشخصية. فإذا كان الأمر به مصلحة لهم فهو حلال وإذا كان به ضرر فهو حرام. هذا هو كل ما في الأمر ببساطة شديدة. وللعلم، فمن يفكرون بمثل هذه الطريقة نسبتهم كبيرة وتتعدى نسبة من يعتمدون على المرجعية الدينية وآلية الدفاع. إنهم يعتبرون أنفسهم إشخاص عمليين، حيث أنهم يبحثون عن مصلحتهم الشخصية فقط.
إذا يمكننا اختصار الثلث فقرات السابقة من هذا المقال في أن الناس تحكم على كون الفوركس أو غيرها من الأمور يعتبر حلال أو حرام بناء على ثلث أسباب وهي
- كل ما هو مجهول فهو حرام
- العودة للمرجعية
- المصلحة الشخصية
وعندما سألت الناس على موقع الفيسبوك عن كون الفوركس حلال أو حرام جاءتني الردود وفقا للنسب التالية:
- 54% من الجمهور غير متأكد من كون التداول في بورصة الفوركس حلال أو حرام
- 31% من الجمهور يرى أن التداول في بورصة الفوركس حلال
- 15% من الجمهور يرى أن التداول في بورصة الفوركس حرام
تحليلي الشخصي لهذه النتائج هو أنه من الطبيعي أن يكون السواد الأعظم من الناس غير متأكدين من رأيهم حول التداول في بورصة العملات. ولكن ما لفت انتباهي هو أن ينظرون للفوركس من زاوية المصلحة الشخصية وأنها حلال طالما أنها لا تؤدي للخسارة كانت نسبتهم أعلى بكثير ممن ينظرون للفوركس من منظور المرجعية الدينية. فمن الواضح تمامًا أننا كبشر نعيش هذه الحياة وفق مصالحنا الشخصية مدعين الطيبة والبراءة. وفي النهاية فهذه ليست آرائي الشخصية ولكنها رأي الجمهور الذي قام بالرد على السؤال، وهو المسؤول عنها وليس أنا.
في النهاية
يمكننا أن نلخص مجموعة الآراء التي تم استنتاجها من تحليل الأسئلة الثلاث في النقاط التالية:
- أفضل شركة وساطة في مجال الفوركس هي Exness
- أفضل وسيلة لسحب وإيداع الأموال في مجال الفوركس هي Binance
- لا أحد يعرف بالضبط إذا كانت الفوركس حلال أم حرام
هذه هي نتيجة الثلث استفتاءات التي قمت بها على صفحتي على الفيسبوك. قد تتفق معها أو تختلف ولكنني أردت أن أعرض عليك هذه الآراء لعلها تفيدك كما أفادتني. وفي النهاية لا يسعني إلا أن اتمني لك رحلة ممتعة ومثيرة في عالم بورصات العملات المعروف اختصارًا باسم “الفوركس”