النجاح مش حكر على حد… وأي إنسان ممكن يكرر نفس النجاح اللي عمله أي إنسان قبله لو غرس في نفسه مبدأ محدد أنا بسميه “مبدأ تكرار النجاح”… وبصراحة أول مرة عرفت فيها مبدأ تكرار النجاح كانت في فيلم The Edge… الفيلم ظهر على شاشات السينما سنة 1997 وهو بـ يحكي قصة الملياردير العجوز “تشارلز” وصديقة الشاب “روبرت” اللي وقعت بيهم الطيارة في وسط الغابة وفي أثناء بحثهم عن مخرج من الموقف اللي هما فيه تشاء الظروف إن يهاجمهم دب ضخم ويبدأ يمشي وراهم عشان يصطادهم ويتعشى بيهم… تشارلز لما حس إن صديقة الوحيد في نص الغابة روبرت خايف ومستسلم للموقف بدأ يزعق فيه وطلب منه إنه يكرر بصوت عالي عبارة واحدة بس وهي:
ما يفعله إنسان يستطيع أن يفعله الآخر
What one man can do another man can too
العبارة دي بـ تلخص ببساطة واحد من أهم مبادئ النجاح اللي اعتمد عليها كثير من الناس في حياتهم… وهو مبدأ تكرار النجاح… من المبدأ ده ظهر علم وفن البرمجة اللغوية العصبية Neuro-linguistics Programing في صورة مجموعة من الندوات العلمية والكتب لـ “جون جريندر” John Grinder و”ريتشارد باندلر” Richard Bandler. وببساطة شديدة البرمجة اللغوية العصبية هي علم وفن متخصص في تقليد نجاح الناجحين… من خلال دراسة نماذج من الناس الناجحة لتحديد أسباب النجاح ثم محاولة غرس الأسباب دي في ناس ثانية عشان يقلدوهم في نجاحهم…
وعشان ده يحصل فيه ثلاث عوامل لازم يكونوا واضحين وهم:
- المعتقدات
- الحالة المزاجية
- الخطة الذهنية
تعالى دلوقتي نتكلم عن كل واحد من دول بالتفصيل شوية…
المعتقدات هي معاني الكلمات زي الحرية والعدل والأخوة… كمان المعتقدات هي الأحكام اللي بتكون جوانا لما بنشوف أو نعيش موقف معين زي إننا نحكم على كل واحد راكب عربية مرسيدس إنه مليونير أو إننا نحكم على كل واحد لابس نظارة إنه مثقف… نضيف لكده إن المعتقدات بـ تتكون كمان من المقارنات زي مقارنة دول الغرب بالدول العربية دي بـ نخرج منها بمعتقدات كثير زي مثلا إن دول الغرب متقدمة ماديا لكن معندهاش دين زينا… أو أن الألمان هم أذكى شعوب العالم…
من المهم جدا إننا نعرف إن المعتقدات مش ثوابت… بالعكس الناس بـ يختلفوا ما بين بعضهم في كثير من معتقداتهم… وفي الحقيقة كل شخص له معتقداته الخاصة بيه لدرجة إننا ممكن نقول إن من أهم سمات الإنسان اللي بتميز شخصيته عن غيره من البشر هي معتقداته… اختلاف المعتقدات هو اللي ممكن يخلي إثنين إخوات توأم يمشوا في سكتين مختلفتين في الدنيا وواحد منهم ينجح والثاني يفشل…
معتقدات الإنسان وقناعاته الشخصية ممكن توصل بيه لأقصى النجاح أو لأقصى الفشل… بالمناسبة دي حابب أذكر قصة مؤلمة وغريبة لكن مهمة جدا وأنا تعلمت منها كثير… في يوم كنت بـ أتفرج على التليفزيون وكانت الحلقة عن جريمة قتل… والقصة هي إنه في يوم من الأيام شيخ جامع عجوز لقى على باب المسجد ولدين حالتهم وحشة… الشيخ الطيب صعب عليه الولدين فدخلهم المسجد ونظفهم وأكلهم وكساهم وقرر إنه يخليهم جنبة لغاية لما يبان لهم أهل… بعد فترة قصيرة قرر الولدين إنهم يقتلوا الشيخ العجوز ونفذوا خطتهم وهو نايم… وكان هدفهم هو إنهم يسرقوا صندوق الصدقات بتاع الجامع… وبعد ما الشرطة حققت معاهم اعترفوا وأتحولوا للنيابة… بعد ما مذيعة البرنامج سمعت الحكاية كاملة من واحد منهم استغربت جدا من الموقف… وردت على الولد وقالت له ما معناه “هي دي جزاة العطف… يبقى بعد ما الراجل الطيب شربكم وأكلكم وكساكم وحماكم تعملوا فيه كدة”… هنا رد عليها الولد القاتل وقال لها:
يا أستاذه في الحارة اللي أنا ساكن فيها بـ يقولوا اللي يصعب عليك يفقِرك…
هنا المذيعة سكتت عن الكلام… لأنها فهمت الاختلاف بين طريقة تفكيرها وطريقة تفكير القاتل… عرفت إن قسوة المجتمع ليها حسابات مختلفة… فأي إنسان سوي، طبيعي حـ يشوف إن اللي عمله شيخ الجامع شيء صح وربنا يجازيه خير عليه… لكن الولد كان شايف إنه غلط لأنه أتربى على إن الشفقة، الحنية والعطف ضعف… والخلاصة المهمة بالنسبة لنا من القصة دي هي أن كل شخص بـ يختلف عن الثاني في معتقداته… ومن الخطأ إننا نفترض إن الناس اللي حولينا عندهم نفس المعتقدات زينا…
في مجال البورصة معاني الكلمات، المقارنات والأحكام بتشكل جزء مهم من وعي أي مضارب في أسواق المال وبيكون لها تأثير كبير على النتائج اللي بـ يحققها سواء بالسلب أو بالإيجاب… فمثلا المضارب اللي شايف إن وقف الخسائر مهم حـ يحقق نتائج مختلفة عن اللي شايف العكس… والمضارب اللي معتقد إن الأخبار هي اللي بتحرك السوق حـ يوصل لنتائج تختلف بصورة كبيرة عن النتائج اللي حـ يوصلها مضارب مؤمن بأن البورصة بتحركها قوانين دراسة حركة الأسعار…
كمان المعتقدات بتأثر على العلاقات ما بين الناس في مجال أسواق المال… فمثلا كثير من الناس لما بـ تروح تدرس في دورات تدريبية عن الفوركس ممكن ما تستوعبش الدروس بصورة كويسة لأن ذهنهم بيكون مشغول بمعتقد محدد مغروس جواهم بـ يقولهم “الفوركس حرام وربا”… كمان كثير من المحاضرين ما بياخدوش بالهم من الاختلاف في المعتقدات ما بينهم وما بين الدارسين… وطبعا النتيجة بتكون سلبية بدرجة كبيرة بالنسبة للطرفين… بمعنى إن الدارس ما بيستوعبش المادة المشروحة بصورة كافية و المحاضر بـ يتعب كثير وفي الآخر ما بيوصلش الموضوع زي ما هو عايز…
نيجي لثاني عنصر وهو الحالة المزاجية… لو سألت مجموعة من المضاربين عن مشاكلهم في التداول حـ تلاقي عندهم نوعين من المشاكل… يا مشاكل سببها عوامل خارج إرادتهم… زي إن إدارة البورصة توقف التداول على سهم معين لأي سبب… أو مشاكل سببها عوامل داخلية… زي أن المضارب يأخذ قرار بالبيع في لحظة ملل لأن السهم اللي هو شاريه ما بيتحركش زي ما هو عايز…
الضغوط الخارجية بـ تلعب دور كبير في التأثير على الحالة المزاجية للمضارب في البورصة… المشاكل الأسرية، زحمة المواصلات، التلوث وحاجات ثانية كثير ممكن يكون لها أثر سلبي على الحالة المزاجية للمضارب في البورصة وبالتالي يكون لها تأثير مباشر على قدرته في اتخاذ القرار… ومن المهم دائما إننا نحاول تقليل الضغوط الخارجية وتأثيرها علينا كمضاربين في البورصة بقدر الإمكان…
كمان الضغوط الداخلية بيكون لها دور مهم في الحالة المزاجية للمضارب… تخيل مثلا أن مضارب صحي الصبح على صداع رهيب تفتكر أفكاره حوالين السوق حـ تكون واضحة… أكيد لا طبعا… الصحة العامة شيء مهم جدا للنجاح في البورصة والمضاربين القدامى إتكلموا كثير عن الموضوع ده… مثلا “وليم ديلبرت جان” William Delbert Gann إتكلم كثير في كتبه ودوراته التدريبية عن أهمية الحالة الصحية العامة للمضارب في التأثير على صفاءه الذهني…
كمان المشاكل النفسية بتمثل جزء مهم من الضغوط الداخلية اللي بتأثر بالسلب على قرارات المضارب في أسواق المال… وعلماء التحليل النفسي اللي مهتمين بالمضاربين في البورصة زي د. ألكسندر إلدر Dr. Alexander Elder ود. فان ثارب Dr. Van Tharp ذكروا كثير في مقالاتهم ومؤلفاتهم أن كل مضارب في البورصة بـ يغلب عليه وبـ يميل لاتجاه معين في توقعاته لأسواق المال… البعض بتكون توقعاته المتشائمة أكثر من المتفائلة وديما بـ يحذر غيرة من الكوارث… والبعض بيكون متفائل دائما حتى في عز المصايب… ودي حقيقة علمية ممكن حضرتك تلاحظها لو كنت متابع لآراء مجموعة من خبراء أسواق المال… حـ تلاقي فيهم ناس بتميل للتشاؤم وناس ثانية بتميل للتفاؤل… مثلا محلل موجات إليوت المشهور روبرت بريختر Robert Prechter له كتاب اسمه Conquer Crash بـ يتكلم عن الانهيار الاقتصادي القادم وإزاي تحمي نفسك منه… وعلى العكس فالمضارب و المحاضر المشهور لاري وليمز Larry Williams له كتاب اسمه The Right Stock at The Right Time بـ يتكلم عن الدورات الزمنية وإزاي نستفيد من فرصة الصعود القادمة في سوق الأسهم…
المحلل الفني وخبير نظرية النقطة والشكل Point & Figure “جيرمي دو بلوسيس” Jeremy du Plessis له طريقة طريفة للحكم على النماذج السعرية على الرسومات البيانية لحركة الأسعار بـ يحاول من خلاها إنه يتفادى نزعة الإنسان الطبيعية للتطرف سواء للتشاؤم أو التفاؤل… جيرمي بـ ينصح المضاربين إنهم بعد ما يخلصوا تحليل الرسم البياني ويوصلوا لنتيجة أو توقع معين إنهم يقلبوا الرسم ويبصوا له بالمتشقلب شوية يمكن يلاقوا حاجة أو دليل على إن توقعهم غلط والعكس هو الصح… فمثلا لو حضرتك ميّال أكثر للتشاؤم في تحليلاتك وكنت بـ تحلل الرسم البياني بتاع الداو جونز مثلا ورأيت أن فيه علامات ضعف وإنه بـ يستعد للهبوط قبل ما تخلص تحليلك وتأخذ قرار بالبيع أستنى شوية وأقلب الشارت وبص فيه من جديد وحلله ثاني… فلو لقيت أن فيه علامات بـ تدل على إنه نازل يبقى تحليلك الأول كان غلط والـ داوجونز لسه مكمل صعود!…
والعكس صحيح… فلو حضرتك مضارب في البورصة المصرية وميال للتفاؤل ومؤشر السوق المصري EGX30 كان بـ يقع فحضرتك حللت الرسم البياني للمؤشر وقررت إنه مش حـ ينزل أكثر من كدة أستنى شوية… دلوقتي أعكس الرسم البياني وبص عليه مرة ثانية لو لقيت نفسك مقتنع إنه طالع يبقى حـ ينزل لأنك شايفه بالمعكوس…
بكدة نكون أدركنا أهمية وتأثير الحالة المزاجية على المضارب… نتنقل دلوقتي للعامل الثالث المطلوب لتطبيق مبدأ تكرار النجاح أو ننقل خبرة الشخص الناجح لأكثر من شخص ثاني… وهو الحالة الذهنية للمضارب… والمهم هنا إننا نعرف إن الفرق بين الخطة الناجحة وغير الناجحة ممكن يكون في تغيير بسيط… فمثلا لو فيه خطة نسبة فشلها 70% فمش معنى كدة إنها خطة فاشلة… ليه؟ … لأننا لو قدرنا نعكس شروط الخطة حـ يبقى فيه احتمال كبير إننا نقدر نوصل لخطة ناجحة برضوا بنسبة 70%… وفي الحقيقة الخطة الفاشلة هي اللي نسبة فشلها أو خسايرها 50% لأن نسبة نجاحها حـ تكون برضوا 50% وبالتالي حتى لو عكسنا الشروط مش حـ نوصل لمكسب منها…
يبقى المرونة في تكوين الخطة مطلوبة ومش كل شرط في خطة التداول شكله وحش نرميه… لازم نستفيد منه الأول ونسأل نفسنا هل لو عكسناه ممكن النتائج تتغير لصالحنا ولا مش ممكن…
خلاصة الكلام هي أننا لو قدرنا نعمل ثلاث حاجات ممكن نكرر النجاح بين البشر وممكن نساعد كثير من المضاربين على تحقيق النجاح في مجال أسواق المال… الثلاث حاجات بإيجاز سريع هم:
- ندرب الناس العادية على نفس القناعات والمعتقدات بتاعة الناس الناجحة…
- نحط الناس العادية في نفس الحالة النفسية بتاعة الناجحين
- نخلي الناس العادية تطبق نفس الخطط والمسارات الذهنية بتاعة الناجحين…
نقطة أخيره حابب أضيفها للقائمة السابقة وهي أننا لو عايزين ننجح لازم نبذل مجهود ونتدرب مش نقلد وبس… فمن وجهة نظري الشخصية مهما المضارب العادي حاول يقلد طريقة وأسلوب الأساتذة الكبار عمره ما حـ يقدر يوصل لمستواهم إلا لو تدرب كويس…طيب يتدرب قد إيه؟ … الباحث والمؤلف “ماكلولم جلادول” Maclolom Gladweel بـ يقول في كتابه “الأفذاذ” The Outliers إنه لقى من خلال الدراسة والبحث أن أي شخص عشان يكون عبقري في مجال معين محتاج عشر آلاف ساعة عمل… ولو فرضنا إن الشخص بـ يتدرب خمس ساعات كل يوم يبقى خمسة وعشرين ساعة تدريب في الأسبوع… ونبقى محتاجين 400 أسبوع تدريب… يعني حوالي 8 سنين عشان نوصل بشخص لدرجة العبقرية في مجال معين…
طبعا هنا الدراسة معمولة للوصول لقمة العبقرية… بمعنى إن الوصول للنجاح محتاج جهد أقل من كدة… وفي مجال المضاربة في أسواق المال المجهود المبذول حـ يكون في الدراسة والبحث وتطوير مهارات التداول والخبرات…
وفي النهاية لازم توفيق ربنا سبحانه وتعالى لأن هو مسبب الأسباب وإحنا مفيش في إيدينا غير السعي والرزق بإيده سبحانه وتعالى… فيا رب أشوف كل واحد فيكم قرأ الكلام المكتوب هنا وعمل بيه مُضارب وإنسان ناجح…