في حوار بيني وبين أستاذ أمير مصطفى – مدير دار إضافة للنشر – طلب مني أن أؤكد له المعلومة التي تقول بأن كتاب “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم” كان من أكثر الكتب مبيعًا، كما ذكرت له قبل طباعة الكتاب. لذلك قمت ببعض البحث، فوجدت أن مؤلف الكتاب وهو “نيكولاس دارڤاس” قد ذكر في مقدمة كتابه الثاني – Wall Street the Other Las Vegas – أن كتابه الأول قد باع 400 ألف نسخة خلال العام الأول من نشره، أي سنة 1960. وبعد ذلك بأربع عشرة عامًا أي سنة 1974، أعاد دارڤاس ذكر هذه المعلومة مرة أخرى في لقاء صحفي له قبل سنوات قليلة على وفاته.
ظاهرة “تأثير دارڤاس” The Darvas Effect
ولعل هذه المعلومة المثبتة تجعل من كتاب دارڤاس واحد من أكثر الكتب التي تتحدث عن المضاربة في أسواق المال مبيعًا على مستوى العالم. ففي عام 1960 حدثت في أمريكا ظاهرة أطلق عليها “تأثير دارڤاس” The Darvas Effect حيث اتجه الكثير من المتداولين في أسواق المال إلى تقليد أسلوب دارڤاس في المُضاربة، وهو ما كان له أثر سلبي على السوق بوجهة عام، حيث بدأ المُضاربين في تجاهل نصائح وتوصيات بيوت الخبرة وانحازوا لآرائهم الشخصية في اتخاذ قرارات البيع والشراء. كذلك فقد تحولت أوامر وقف الخسائر المتحركة إلى موضة رائجة بين المتداولين، مما اضطر هيئة الرقابة على سوق الأسهم لإيقاف تطبيق هذه النوعية من الأوامر على العديد من الأسهم حتى يمكن السيطرة عليها. ولكن مع مرور الوقت خفت حِدة هذه الظاهرة ثم تلاشت لتعود الأمور لسابق عهدها. فربما قد أدرك صغار المُضاربين الحالمين بالثراء السريع أن صناعة الثروة في سوق الأسهم ليست بالبساطة التي اعتقدوها. فمجرد تنفيذ بعض الإرشادات من الكتاب الذي قرأوه لن يحقق لهم الثروة التي يحلمون بها. كذلك يجب ألا ننسى أن دارڤاس قد ذكر أكثر من مرة أن كثرة تجاربه وأخطاءه على مر السنين قد أوجدت عنده ما أطلق عليه “الحاسة السادسة لاختيار الأسهم الرابحة”، وهي نفس الصفة التي تحدث عنها الكثير من عظماء المُضاربة في أسواق المال أمثال “چيسي ليڤرمور” و”ريتشارد ويكوف”.
الأسباب وراء هذا الرقم الهائل من المبيعات
ولكن يا ترى ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الكم الهائل من المبيعات والذي يعتبر رقمًا قياسيًا حتى لو كان بمعايير الزمن الحالي، ولماذا كان المجتمع الأمريكي متلهفًا لمثل هذه القصة؟ … في الجزء التالي من هذا المقال سوف أحاول توضيح بعض هذه الأسباب التي استنتجتها من خلال بحثي في حكاية المُضارب المليونير الراقص “نيكولاس دارڤاس”.
توقيت ظهور الكتاب
فقد ظهر الكتاب بعد أن وصل مؤشر داوجونز لقمة تاريخية غير مسبوقة في وقتها. فكان الإعلان عن كتاب بعنوان “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم” هو إجابة عن السؤال الأكثر انتشارا بين عامة الناس وقتها وهو “من هو الرابح من وراء هذه اللعبة؟”
شهرة دارڤاس كراقص مسرحي
فنحن نتحدث عن شخص عمله استعراضي بطبعه. فهو يظهر يوميًا على المسرح، وله الكثير من المعجبين والمؤيدين سواء داخل أمريكا أو حول العالم أجمع. ولو بحثنا بين قصاصات الجرائد والمجلات سنجد أن نيكولاس ورفيقته على خشبة المسرح جوليا دارڤاس كانا بالفعل ثنائي معروف ومشهور، وكانت هناك العديد من الأحاديث الصحفية معهم والتي كانت تروي قصة نجاحهم المسرحي. إذا فشهرة دارڤاس كراقص قد مهدت الطريق لنجاح كتابه.
عنصر الدهشة!
فمن المؤكد أن جمهور دارڤاس الراقص قد شعر بدهشة كبيرة عندما وجد أن فنانة المحبوب يخفي جزء من شخصيته لا يعلم عنه هذا الجمهور شيئا. ولكن هذا التكتم على عمله في أسواق المال كان له منطق ومبرر وقد أدى في النهاية لمكافأة بقيمة 2 مليون دولار.
في النهاية فإن قصة نيكولاس دارڤاس التي كتب عنها في كتابة الرائع “كيف ربحت 2 مليـون دولار في سوق الأسهم” كانت مثار للجدل في وول ستريت لسنوات طويلة بعد حياته. ومن أمور التي أتشرف بها أنني قد قدمت هذه الشخصية ذات القدرات الفذة للوطن العربي.