إذا أردْت تعلُم التداول فعليك أن تفرِغ كوبك أولًا. يفشل المضاربون في تعلم الطرق الصحيحة للتداول لأنهم يذهبون للمُعلِّم بكوب ممتلئ ثم يتعجبون من عدم قدرة هذا المعلم على مِلئ كوبهم! فلكي تنجح في أسواق المال عليك أن تتعلم أربع علوم أساسية لا خامس لهم
1. نظرية كفاءة السوق Market Efficient Theory
لكي يتحقق للسوق الحرية التامة بين العرض والطلب لابُد من أن يكون السوق كفء أو فعّال. وهو ما يعني ألا يمتلك أي متداول ميزة تنافسية على باقي المتداولون لفترة طويلة من الوقت. هذا المبدأ يتم تطبيقه أيضًا في الألعاب الرياضية. فقبل المنافسات يتم تحديد مستوى اللاعبين باستخدام المقاييس الرياضية، ثم يتم تدريجهم لفئات حسب مهارتهم، حتى يتم التأكد من أن فوز أحدهم لم يكن نتيجة امتلاكه ميزة غير مهارته في اللعب.
وفي أسواق المال يعمل السوق بآلية تساعده على استقصاء المتداولين أصحاب المزايا التنافسية، مثل مديري الشركات وكل من يمكنه الوصول للمعلومات قبل إعلانها على الملأ.
2. نظرية تحليل البيانات Data Analysis
لكي ينجح المُضارب فعليه أن يمتلك وسيلة لتحديد الصواب من الخطأ، وهنا يظهر لنا أهمية تعلم وسيلة لتحليل حركة الأسعار وفهمها. يعمل التحليل الفني على تحليل حركة الأسعار للتعرف على ثلاث معلومات أساسية وهي (1. الاتجاه – 2. العزم – 3. النشاط الحركي) ومن خلال هذه المعلومات يمكن للمُضارب اتخاذ قراره وتحديد قرار البيع أو الشراء دخولًا وخروجًا من الورقة المالية.
وهنا أريد أن أنوه لنقطة مهمة، وهي إن البعض يتمادى ويفرط في استخدام الأدوات الفنية اعتقادًا منه بأن هذا سيحقق له مزيد من الأرباح أو الأمان أو كلاهما. لكن لو رجعنا للنظرية الأولى (كفاءة السوق) سنجد أن الأفراط في استخدام الأدوات الفنية لا قيمة له. فمهما كانت أرجلك قوية فهي لن تستطيع الوقوف فوق الرمال المتحركة من تحتها. فالبساطة مع الوضوح أهم من التعقيد.
3. نظرية إدارة المخاطر المالية Financial Risk Management
لا شك في أهمية تعلم إدارة المخاطر المالية وذلك يحدث بالمرور بمرحلتين من التعليم. الأولى، يتعلم فيها المُضارب الأساسيات مثل (وقف الخسائر بأنواعه – تحديد حجم الصفقة). الثانية، يتعلم فيها المُضارب الخطط أو الاستراتيجيات المختلفة لإدارة المخاطر المالية الناجمة عن التداول في أسواق المال. وهذه الخطط يمكن تقسيمها لفرعين رئيسييَن (1. التدرج السلبي Negative Progression) و (2. التدرج الإيجابي Positive Progression)
تعمل إدارة المخاطر المالية كحائط صد ضد صدمات حركة الأسعار المتوالية. ومن خلالها يمكن توجيه دفة منحنى الأرباح ليتماشى مع متغيرات السوق وتقلباته المستمرة.
4. نظرية التحليل السيكولوجي Psychoanalysis
فلو لاحظت ستجد أن النظريات الثلاثة السابقة (كفاءة/فني/مخاطر) كلها تعتمد على المنهج العقلي فقط وتهمل تمامًا الجانب العاطفي الموجود داخل أسواق المال. لهذا يعمل التحليل السيكولوجي كمتمم لعلوم التداول الأربعة.
ينقسم التحليل السيكولوجي لفرعين. الأول، يدرس سيكولوجية الجماهير Crowd Psychology وذلك من خلال استبيان الحالة العامة لجمهور المضاربين ومحاولة قياس مقدار التفاؤل والتشاؤم أو الطمع والخوف المرتبط بمشاعرهم وتكهناتهم حول حركة الأسواق. أما الفرع الثاني فيدرس سيكولوجية المُضارب الفرد Trader Psychology والعوامل النفسية التي تؤثر على قراراته مثل المشاعر الأساسية – التكرار القهري للأخطاء – الأدوار النفسية.
من خلال تعلم هذه العلوم الأربعة ودمجها معًا يمكن للمُضارب أن ينجح في أسواق المال ويحقق عائد مادي ملموس. وأيضًا، من خلال جهل المضاربون في أسواق المال بهذه العلوم الأربعة أو ببعض منها يستمر 99% من المضاربون في الخسارة.
يعتمد تعلم المُضاربون في أسواق المال لعلوم المُضاربة على عنصرين. الأول هو أن يمتلك المُعلِم الفهم الكافي للنظريات الأربعة والقدرة على توصيل المعلومات عنها بصورة سليمة. الثاني هو أن يمتلك الدارس لعلوم المُضاربة الصفاء الذهني اللازم لقبول المعلومات الواردة إليه واستيعابها لكي تتحول في ذهنه من مجرد بيانات أولية لمعلومات مرتبة ومنظمة. وأخيرًا يأتي التطبيق العملي ليحول هذه المعلومات لخبرات يمكنها أن تحقق عائد مادي ملموس للمُضارب فتصبح المُضاربة في أسواق المال مصدر مستمر للدخل بالنسبة له.