الفصل العاشر مليونا دولار

عندما عدت إلى نيويورك في الأسبوع الثالث من عام 1959، كنت قد شُفيت تمامًا من الصدمة التي تعرضت لها خلال فترتي المجنونة، وبدأت الاستثمار في السوق مجددًا.

كُنت لا أزال أشعر بالكدمات التي سببتْها حماقتي، ولكنني كنت مثل الرجل الذي يشعر بأنه أقوى وأفضل بعد مروره بتجربة سيئة. لقد تعلمتُ درسي الأخير. عرفت الآن أن عليَّ الحفاظ بصرامة على نظام التداول الذي أجتهد عليه بنفسي. لقد تعلمت أنني لو انحرفت عنه حتى ولو لمرة فإنني سأقع في المشاكل. إن كل مستقبلي المالي سيصبح في خطر، وقد يتحطم مثل بيتٍ من كروت اللعب.

كانت أول خطوة لي في نيويورك هي أن أنصب سياجًا حديديًّا حول نفسي لأتأكد من أنني لن أكرر أيًّا من أخطائي السابقة. وفي البداية، قررت أن أنشر تنفيذ صفقاتي ما بين ستة سماسرة.

بذلك لا يمكن تعقب عمليات التداول التي أقوم بها، لأحمي نفسي من أي عملية تدخُّل من جانبهم، وقمتُ بتطبيق هذا الحاجز. إنها طريقة الحماية ذاتها التي أستعملها لليوم.

هكذا كُنت أعمل. كنت أطلب من السماسرة أن يرسلوا إليَّ البرقيات بعد إغلاق وول ستريت في الساعة السادسة مساءً (وهو الوقت الذي أستيقظ فيه، وذلك نتيجة عملي في دور العرض لسنين طويلة). وخلال اليوم، فإني أطلب من عامل التليفون ألا يسمح بتلقي أي مكالمات لي.

بهذه الطريقة، كان كل شيء يحدث في وول ستريت، وأنا في السرير. كنت أنام في الوقت الذي يعملون فيه، وبذلك لا يمكنهم الوصول إليَّ وإزعاجي. وأوامر وقف الخسائر كانت هي من ينوب عني في حالة حدوث أي شيء غير متوقع.

في السابعة مساءً، أبدأ في دراسة برقياتي اليومية، وأقرر الصفقة التي سأقوم بها في المستقبل. أقوم بشراء نسخة من جريدة مسائية تنشر أسعار إغلاق الأسهم في وول ستريت، فأقوم بقطع الصفحة التي تحتوي على رموز الأسهم، وألقي بباقي القسم الاقتصادي بعيدًا؛ فأنا لا أرغب في قراءة قصص أو تعليقات اقتصادية، مهما بدت مهمة؛ فهي قد تُضللني.

ومع وجود برقياتي وصفحات الجرائد المقطوعة برموز وجداول أسعار الأسهم عليها، أظل أعمل بينما تكون وول ستريت نائمةً.

خلال الأسابيع التي قضيتها أعالج جراح ثقتي بنفسي، استمرَّ السهمان اللذان لم أبعهما في الصعود. سهم “القيادة العالمية” استمرَّ في الصعود بدون انقطاع تقريبًا، حتى وصل لحوالي سعر الـ 60. وذلك كان أكثر من 40% ارتفاعًا، منذ آخر زيارة لي لنيويورك. وسهم “ثايكول” تصرَّف بطريقةٍ موازيةٍ، وهو يندفع الآن فوق الـ 110.

في الحقيقة ذلك كان واعدًا. لقد قررت أنه لا يوجد سبب وجيه يدفعني للمساس بهما. مُتسلحًا بتجربتي المريرة ومُتحصنًا بصورة جيدة خلف سياجي الجديد القوي، بدأت أتحرك داخل السوق بثقة حذرة. وهذه هي بعض من صفقاتي:

1,000 سهم “جنرال للإطارات والمطاط” GENERAL TIRE & RUBBER
شراء على 56(56,446.00 دولار) 
بيع على 69 ½(69,151.01 دولار) 
  أرباح 12,705.01 دولار
1,000 سهم “كنكو للمعدات” CENCO INSTURMENTS
شراء على 19 ½(19,775.00 دولار) 
بيع على 23 ½(23,247.63 دولار) 
  أرباح 3,472.63 دولار
500 سهم “أمريكان للنسخ” AMERICAN PHOTOCOPY
شراء على 71 ½(35,980.75 دولار) 
بيع على 79 ½(39,570.92 دولار) 
  أرباح 3,590.17 دولار
1,000 سهم “اتحاد كاليف للنفط” UNION OIL OF CALIF
شراء على 46(46,420.00 دولار) 
بيع على 50(49,669.00 دولار) 
  أرباح 3,249.00 دولار
500 سهم “بولارويد” POLAROID
شراء على 121(60,755.50 دولار) 
بيع على 127(63,299.08 دولار) 
  أرباح 2,543.58 دولار
500 سهم “برينسويك – بالك – كوليندر” BRUNSWICK-BALKE-COLLENDER
شراء على 71 ¼(35,855.65 دولار) 
بيع على 77(38,322.08 دولار) 
  أرباح 2,466.43 دولار
500 سهم “بيل وهويل” BELL & HOWELL
شراء على 93(46,741.50 دولار) 
بيع على 99 ¼(49,436.81 دولار) 
  أرباح 2,695.31 دولار

وهذا ما يجري في سوق الأسهم؛ فليست كل صفقاتي ناجحة. فبعض الأسهم التي اشتريتها لم تكن لتتصرف على النحو الذي توقعته. وهذه بعض الصفقات التي انتهت بخسارة:

1,000 سهم “كنكو للمعدات” CENCO INSTURMENTS
شراء على 23(23,300.00 دولار) 
بيع على 22(21,755.76 دولار) 
  خسارة 1,544.24 دولار
500 سهم “ريتش هولد للكيماويات” REICHHOLD CHEMICALS
شراء على 65(32,727.50 دولار) 
بيع على 63 ¾(31,703.17 دولار) 
  خسارة 1,024.33 دولار
1,000 سهم “فانستيل” FANSTEEL
شراء على 63 ½(63,953.50 دولار) 
بيع على 62(61,657.96 دولار) 
  خسارة 2,295.54 دولار
500 سهم “فيلادلفيا والقراءة” PHILADELPHIA & READING
شراء على 131(65,760.50 دولار) 
بيع على 129 ¾(64,672.79 دولار) 
  خسارة 1,087.71 دولار

هذان الجدولان يؤكدان نظريتي بصورةٍ كاملةٍ. سوف تلاحظ أنني في كل مرة، كنت أنجح في أخذ قسط من الأرباح أكبر من الخسائر نسبة إلى رأس المال. تذكر أن كل هذه العمليات كانت تتم بالبرقيات من نيويورك لنيويورك؛ فأنا لم أرَ أو أتكلم مع أي من السماسرة حتى ولو لمرة. في كثيرٍ من المرَّات خلال اليوم، تبدأ بعضُ الأسهم التي أمتلكها في الارتجاف والسقوط مثل طيورٍ نافقةٍ، فلا بد من أنهم رغبوا بشدة في التقاط سماعة التليفون لتحذيري. لا بد أنهم كانوا يشعرون بأنني أغبى شخص في العالم لأنني كنت أمنعهم من فعل ذلك، ولكن قواعدي كانت صارمة. كنت أسمع الأخبار (الجيدة والسيئة) في السادسة مساءً عندما تصلني برقياتي، ثم كنت أتصرف بِناءً عليها.

خلال الأسابيع التي قضيتها أتاجر بهذا الأسلوب في نيويورك، بدأتْ علاماتُ الضعف تظهر في سهم “القيادة العالمية”. لقد بدأ يفقد قدرته على التقدم بثبات. لقد أصبح نشاطه وتقدمه السعري عنيفًا؛ عنيفًا جدًّا.

كان ذلك يلفظ بوجود المشاكل، ومن المؤكد أن المشاكل ستأتي في وقتٍ ما. بعد التقدم من 66 في الأسبوع الأول من مارس، وصل السهم إلى 102 في ثلاثة أسابيع. لقد وصل للنقطة التي بدأ عندها يعكس عزمه وبدأ يتحرك في الاتجاه الآخر. لم يُعجبني مظهر هذه السقطة في سعر السهم إطلاقًا. كان الأمر يُشعرك كأن السهم تعرض لمطبٍّ هوائيٍّ ولم تكن هناك أي علامات للصعود منه. كان لديَّ شك طفيف بأن فترة الإجازة قد انتهت. إذا لم أكن حذرًا فقد يتم الإيقاع بي في هبوط حاد، فوضعت وقف الخسائر على بعد نقطتين من سعر إغلاق اليوم. وتم بيع أسهمي في “القيادة العالمية” في الصباح التالي على أسعار متفاوتة ما بين 86 ¼ و89 ¾. وذلك كان أقل من القمة بـ 12 نقطة. ورغم ذلك، كنت أشعر بالرضا. ولم يكن هناك سبب يجعلني غير سعيد؛ فلقد خُضت مشوارًا طويلًا وإجمالي قيمة مبيعاتي في النهاية كان 524,669.97 دولار، وذلك منحَني 409,356.48 دولار من الأرباح.

والآن أصبح لديَّ رأس مال كبير لأستثمره. أخذت نظرة فاحصة للسوق بعناية، بحثًا كالعادة عن سهم يُتداول بنشاط، وسعره مرتفع. ولكن هناك مشكلة أخرى ظهرت في الأفق جعلت إيجاد السهم المناسب مهمة صعبة؛ فمع هذا الكم من الأموال، يجب أن أكون حريصًا على ألا أسمح لمشترياتي أن يكون لها تأثير ظاهر على السوق.

بعد البحث لفترة، وجدت سهمًا توجد به هذه الاشتراطات الصعبة. كان سهم “أدوات تكساس” TEXSAS INSTURMENTS.

اشتريت أول 2,000 سهم بمتوسط سعري 94 ⅜ في الأسبوع الثاني من أبريل، ثم 1,500 أخرى على 97 ⅞. بينما استمر السهم في التصرف جيدًا، أضفت لما امتلكته فيه 2,000 سهم. وكان متوسط سعر عملية الشراء الأخيرة 101 ⅞. وذلك كما ترى، تَضمَّن كمية كبيرة من الأموال، أكثر من نصف مليون دولار في الحقيقة. تفاصيل صفقة “أدوات تكساس” كانت تبدو كما يلي:

2,000 سهم على 94 ⅜189,718.80 دولار
1,500 سهم على 97 ⅞147,544.35 دولار
2,000 سهم على 101 ⅞204,733.80 دولار
 إجمالي الأسهم 5,500 سهم541,996.95 دولار

والآن فإن رأس المال الذي أخذته في سهم “القيادة العالمية” قد أُعيد استثماره، وكرست انتباهي مرة أخرى لسهم ” ثايكول”.

أنا و” ثايكول” أصبحنا الآن شركاء منذ فترة طويلة وكان لنا معًا علاقة ذات طبيعة خاصة مثل أي زوج من الأصدقاء القدامى. لقد كُنت أسمح دائمًا لـ ” ثايكول” بفُسحة أكبر من الأسهم الأخرى. سبب ذلك هو أنني كنت “أشعر” بذلك السهم ولأنه كان لديَّ ميزة عظيمة فيه بفضل حساب الاشتراك الخاص.

كنت سأبدو مثل الأحمق لو تركت هذا الترتيب الائتماني الفريد؛ لذلك كنت أترك وقف الخسائر الخاص بي بعيدًا عنه في صعوده. وما كنت لأفعل ذلك مع الأسهم الأخرى، ولكن مع سهم ” ثايكول” فقط؛ فقد أنقذني هذا التصرف مرتين من تطبيق وقف الخسائر. المرة الثانية كانت عندما حدث للسهم رد فعل سيئ في الأسبوع الأول من أبريل. رد الفعل ذلك جاء عقب الإعلان عن تقسيم السهم بنسبة 3 إلى 1. لقد كان حادًّا لدرجة أنني اعتقدت بأننا يجب أن نفترق، ولكنني قررت ترك هذا القرار لوقف الخسائر.

ولكن لم يتم المساس به، وموجة الغرق تبعها بسرعة صعود نشط. ويبدو أنني لست الوحيد المعجب بسهم “ثايكول”؛ فخبر تقسيم السهم الجديد قوبل بترحيب كبير من الجمهور وهو ما قفز بالسهم إلى 72 في الأسبوع الأول من مايو.

كان رد الفعل هذا جيدًا جدًّا، وقد أدى إلى هذا الموقف المدهش:

نشاط السهم السعري لهذا الأسبوع كان عملاقًا بحجم 549,000 سهم.
تقدم السهم سعريًّا في هذا الأسبوع بمقدار 13 ¼ نقطة.
وصل حجم التعاملات التجارية إلى 40,000,000 دولار.
فرق السعر لهذا الأسبوع كان 7,000,000 دولار.

كان الأمر يبدو كأن كل مُضارب في بورصة نيويورك لم يكن يفعل شيئًا سوى الدخول والخروج في سهم “ثايكول”. وبالطبع فلا يمكن لذلك أن يدوم. قرر رؤساء بورصة نيويورك تعليق كُل أوامر وقف الخسائر. وكان تأثير ذلك هو أن معظم المتداولين تركوا السهم؛ فهم لن يبيعوا ويشتروا سهمًا لا يمكنهم حماية أنفسهم فيه. كذلك فإن ذلك يعني أنني قد أصبحت خارج السهم بصورة آلية؛ فقد أخذوا مني أهم أدواتي التي لا أستطيع العمل بدونها.

بِعت أسهمي في “ثايكول” بمتوسط سعري 68، وقد أعطاني ذلك – بعد التقسيم بنسبة 3 إلى 1 – ما يفوق الـ 200 دولار لكلٍّ من الـ 6,000 سهم الأصلية. لقد دفعت ما مجموعة 350,820 دولار، وقد تلقيت مقابل الـ 18,000 سهم المُقسمة 1,212,851.52 دولار، وكانت أرباحي 862,031.52 دولار.

إن إمكانية إعادة مليون دولار مرة أخرى للسوق طرحت مشكلة كبيرة. لقد كان عليَّ أن أضاعف حرصي. لقد كان ذلك قدرًا كبيرًا من الأموال ليتم وضعه في سهم آخر بسهولة. لقد كان مبلغًا كبيرًا من المال لدرجة أن مشترياتي قد تؤثر على السوق.

كذلك كان عليَّ أن أواجه حقيقة أن وقفَ الخسائرِ الخاصَّ بي لن يكون عمليًّا بعد الآن، لأنه لن يكون هناك مضارِبٌ أو مستثمرٌ يستطيع أن يمتصَّ كمية كبيرة من الأسهم في غضون ثوانٍ.

وكان هناك أمر واحد فقط يمكنني القيام به: قررتُ تقسيمَ أموالي إلى قِسمين. بمجرد أن قررت القيام بذلك، فإن الاختيار أصبح أسهل؛ فقد أصبح عليَّ أن أقرر بالنسبة لأربعة أسهم فقط: “راديو زينس” ZENITH RADIO – “ليتون للصناعة” LITTON INDUSTRIES – “فارشيلد كاميرا” FAIRCHILD CAMERA – “بيكمان للأدوات” BECKMAN INSTURMENTS.

لقد راقبت كل هؤلاء لفترةٍ طويلةٍ من الزمن. لقد كانوا جميعهم ملائمين بالقدر الذي تطلبه نظريتي الفنية – الأساسية. والآن كُل ما تبقى هو أن أرى أي اثنين منهم سوف أختار. وكانت هناك طريقة واحدة فقط للقيام بذلك، وهي أن أترك لقوة أدائهم في السوقِ الحُكمَ.

باستخدام نفس التقنية التي وظفتها من قبل بنجاح في سهمَي “القيادة العالمية” و”ثايكول”، قمت بعمل شراء استكشافي في الأسهم الأربعة، في 13 مايو 1959:

500 سهم “راديو زينس” على 104(52,247 دولار)
500 سهم “بيكمان للأدوات” على 66(33,228 دولار)
500 سهم “فارشيلد كاميرا” على 128(64,259 دولار)
500 سهم “ليتون للصناعة” على 112(56,251 دولار)

ووضعت وقفَ خسائر لكلٍّ من هذه الأسهم على بعد 10 بالمائة من سعر الشراء.

لقد كنت قلقًا من أن تكون أوامر وقف الخسائر تلك آلية وغير واضحة. لقد استخدمت هذا النظام عن قصدٍ لأنني كنت أعرف أنه سيحدِّد عاجلًا أو آجلًا، أي الأربعة هو الأضعف.

في الـ 18 من مايو، تم إيقافي في “بيكمان للأدوات” عند سعر 60، وفي 19 مايو قررتُ بيعَ “ليتون للصناعة” التي كان أداؤها أسوأ من الآخرين، على 106 ¼. والآن عدلت وقف خسائري على الأسهم المتبقية.

لقد كان الأسبوع الرابع من مايو، عندما أكملت نقل أكثر من 1,000,000 دولار لداخل أقوى سهمين. وهذه هي إجمالي مشترياتي:

سهم “راديو زينس” 
 500 سهم على 10452,247.00 دولار
 1,500 سهم على 99 ¾150,359.70
 1,000 سهم على 104104,494.00
 1,000 سهم على 105 ¼105,745.30
 1,500 سهم على 107 ½161,996.25
  إجمالي 5,500 سهم574,842.25 دولار
  
سهم “فارشيلد كاميرا” 
 500 سهم على 12864,259.00 دولار
 1,000 سهم على 123 ¼123,763.30
 1,000 سهم على 125125,515.00
 1,000 سهم على 126 ¼126,766.30
 1,000 سهم على 127127,517.00
  إجمالي 4,500 سهم567,820.60 دولار

وبخصم صفقاتي قصيرة الأجل، فإن أموالي انتقلتْ من سهم لسهم بالأسلوب التالي:

مارس – أبريل 1959  
 بيع سهم “القيادة العالمية”524,670 دولار 
 شراء “أدوات تكساس” 541,997 دولار
مايو 1959  
 بيع سهم ” ثايكول”1,212,850 دولار 
 شراء سهم “راديو زينس” 574,842 دولار
 شراء “فارشيلد كاميرا”____________567,821 دولار
 إجمالي المبلغ المستلم1,737,520 دولار 
 مديونية الشراء بالهامش274,600 دولار 
  1,462,920 
النقدية المُتاحة من عمليات سابقة70,000 
المُتاح لإعادة الاستثمار1,532,920 دولار 
إجمالي المُعاد استثماره (مع 90% هامش)1,684,660 دولار

في ذلك الوقت، كان لديَّ ستة سماسرة، فقمت بإغلاق حسابي مع ثلاثة منهم، ثم جلست هادئًا أتابع الأسهم التي أمتلكها؛ فلم يكن هناك أي شيء آخر مطلوب مني فعله بينما “أدوات تكساس” “راديو زينس” و”فارشيلد كاميرا” كانوا يعملون لحسابي.

خلال يونيو، استمرت البرقيات في الوميض ما بين وول ستريت وفندق بلازا. إنها لم تكن لتعني شيئًا بالنسبة لشركة ويسترن يونيون، ولكنها كانت تعني كلَّ شيءٍ بالنسبة لي؛ فعلى سبيل المثال، في التاسع من يونيو وصلتني البرقية التالية:

“ز 122 ½ (124 – 116 ¾) ت 119 ¼ (121 ½ -117 ¼) ف 125 (126 – 121)”

وكانت برقية اليوم التالي:

“ز 132 ⅜ (132 ½ – 125) ت 123 ¾ (123 ⅞ -120 ⅜) ف 130 (130 – 126 ½)”

لقد كانت مملة، بلا معنًى، هيروغليفية بالنسبة إلى عامل البرقيات، ولكنها كانت تعني الكثير بالنسبة لي؛ فقد كانت تخبرني بأن قيمة ممتلكاتي ارتفع ثمنها بقدر 100,000 دولار في هذا اليوم فقط!

وبدأت الحياة تبدو غريبة؛ فأنا أجلس في فندق بلازا كل ليلة، أقرأ برقياتي وأرد عليها. ولم يكن هناك شيء آخر يمكنني صنعه. كنت أشعر بالبهجة والعصبية، ولكن بالضعف. كنت مثل العالِم الذي استطاع بعد أعوام من العمل والأبحاث أن يطلق صاروخًا للقمر بنجاح، والآن – وهو يراه يرتفع أعلى وأعلى – فإن لديه إحساسًا هائلًا بالإنجاز، وشعورًا غريبًا أيضًا بالسماح لنفسه بالخمول.

مثله، كنت الآن أقف على الهامش أحاول اليقظة، بينما استمرَّتْ أسهمي في الصعود مثلَ صاروخٍ جيِّدِ الصنع.

ثم في أحد أيام يوليو، جاءني عرضٌ بالظهور في مسرح “سبور تنج كلب” في مونت كارلو، فقبلت به مبتهجًا. إن الجلوس من البداية يؤدِّي للملل والمشاكل العصبية والفزع من الماضي.

قبل أن أقوم باتفاقياتي لترك نيويورك، طلبت من سماسرتي مقابلتي. أخذت أدرس حسابي مع كلٍّ منهم، ووجدت أنني لو بعت قبل السفر لأوروبا، فإنني قد أجني من أسهمي أكثر من 2,250,000 دولار.

فماذا كانت مشاعري تجاه هذه الأخبار؟ البهجة؟ الإثارة لأنني الآن أصبحتُ مليونيرًا أكثر من مرتين؟ ليس تمامًا. كُنت سعيدًا، ولكن لست متحمسًا. لقد كنت أكثر حماسة عندما ربحت أول 10,000 دولار في سهم “داينيز كلب”. في ذلك الوقت شعرت مثل رياضي تدرب بقوة وعانى من العديد من المشاكل، والآن يهرول للفوز.

أنا الآن أواجه نفس المعضلة التي واجهتها من قبل: هل أبيع؟ هل أتخلص من كل شيء؟

إن الإجابة الآن أصبحت سهلة. إنها الإجابة القديمة الموثوقة: إنني لا أمتلك أي سبب لبيع سهم يصعد. سوف أستمر في متابعة الاتجاه، وأحرك وقف خسائري خلف الأسعار. وبينما يزداد الاتجاه قوة، فقد أشتري أكثر. ولكن إذا عكس الاتجاه نفسه؟ فإنني سأهرب من السهم مثل لص منزعج.

لقد وضعتُ نقاط وقف خسائر جديدة لكل الأسهم التي أمتلكها، بحيث إنها لو سقطت وأنا في طريقي لأوروبا، فسأكون قد بعتُ، وسيبقى لي مِليونَا الدولار بصورةٍ سليمةٍ.

لقد شعرتُ بالبهجة والثقة، بينما كنت أركب التاكسي من الحيِّ الخامسِ بعد أن تركتُ سماسِرَتي.

تمشيتُ في ردهة فندق بلازا، وبصورةٍ آليةٍ اشتريت الجريدة المسائية، واقتطعت جدول أسعار أسهم وول ستريت، وألقيت بباقي الجريدة بعيدًا، التقطت برقياتي في السادسة مساءً، ثم ركبت المصعد.

وفي حجرتي، فتحت البرقيات، ونشرت قصاصة الجريدة، وجلست سعيدًا. ليس فقط لأنني جنيت مِليونَيْ دولار، ولكن لأنني كنت أقوم بأفضل شيء أحبه.

وهو العمل عندما تنام وول ستريت.

العودة إلى الفهرس

Scroll to Top