الفصل الثاني الدخول إلى وول ستريت

اتصلتُ بـ “لو كيلر”، وأخبرته عن نفسي ومطالبي. في اليوم التالي، أرسل إليَّ بعضَ الأوراق لأوقِّعها، وأعلمني أنني عندما أوقع الأوراق مع عمل إيداع نقدي، فسوف أمتلك حسابًا لدى شركة السمسرة التي يعمل بها. عندما تلقيت إشعاره، انتابني شيء ما. فجأة بدأت أشعر بأنني جزء من المشهد المالي. إنني لا أستطيع أن أصف وول ستريت لأنني لم أذهب هناك بجسدي، ولكن مجرد ذكر اسمها له أثر نفسي عليَّ.

كل شيء هنا جاد ومختلف. والآن أصبحت أرى تجربتي مع السوق الكندي كفترةٍ جامحةٍ من المقامَرة لن أكرِّرَها مرة أخرى.

بينما كنت أدرس أسعار الأسهم في بورصة نيويورك المكتوبة على أعمدة الجرائد رمادية اللون، كنت أشعر بأنني أدخل مرحلة جديدة ناجحة في حياتي المهنية؛ فهذا لم يكن مثل المعرفة عن الأسهم الكندية ذات التوصيات السريعة البراقة عن أسهم الذهب واكتشافات اليورانيوم؛ فهذه كانت تجارة جادة، بها شركات صناعية عملاقة وشوارع من البنوك الكبيرة، لذلك قررتُ أن أدخل هذا العالم، وأكون على نفس القدر من الوقار الملائم له.

لقد قررتُ أن أنتهج أسلوبًا أكثرَ حرصًا ونضجًا في تعاملي مع سوق الأسهم. لقد أحصيتُ ممتلكاتي لأحدِّدَ كمَّ الأموال التي سأستثمرها. لقد بدأت في السوق الكندي بـ 11,000 دولار، وهي مجموع الـ 3,000 التي استثمرتها في “بري لند” بالإضافة إلى 8,000 هي أرباحي من وراء هذه الصفقة. هذه الأموال تقلصت بقيمة 5,200 دولار، وكل ما تبقَّى لي من أموال “بري لند” كان 5,800 دولار.

لم تبدُ هذه الكمية من الأموال كافية للبدء في وول ستريت؛ لذلك قررت أن أضيف لها المزيد من الأموال، فأخذت من الأموال التي ادَّخرتها من عوائد العروض الراقصة التي أقدمها، ورفعت المبلغ حتى 10,000 دولار. لقد كان مبلغًا مناسبًا، فقمت بإيداعه في حساب شركة السمسرة.

ثم في أحد الأيام، قررتُ البدء في الاستثمار، فكلمت “لو كيلر” تليفونيًّا، وحاولت أن أتحدث بنوع من اللامبالاة في محاولة لأن أبدوَ مثلَ رجلِ أعمالٍ قديمِ الخبرة، ثم سألته ببساطة إن كان هناك سهم جيد للشراء.

اقترح عليَّ السيد “كيلر” عدة “أسهم آمنة”؛ كذلك فقد شرح لي لماذا وصفها بأنها “آمنة”. وبينما لم أفهم شيئًا ممَّا قال، فإنني استمعت باهتمام شديد لتعبيراته الاقتصادية مثل “ارتفاع نصيب السهم من الأرباح”، “تجزئة الأسهم”، “تحسن العوائد”. فبالنسبة لي وقتها، تلك كانت أرقى نصيحة وتوصية حصلت عليها؛ فهذا الرجل يجني لقمة عيشه من وول ستريت؛ لذلك لا بد من أنه على درايةٍ بما يقول. بالإضافة إلى أنه “اقترح” فقط؛ فقد أكد أن “القرار يعود لي”. وقد جعلني ذلك أشعر بأنني رجل مهم، وأنني أتولى زمام الأمور.

عندما كان واحد أو اثنان من الأسهم التي أوصى بها لي يرتفع عدة نقاط قليلة، كنت لا أجد أدنى شك في مدى جودة المعلومات التي تصلني منه من ناحية، ومدى براعة قدراتي كتاجر في استخدام هذه المعلومات من ناحيةٍ أخرى. ولكن ما لم أعرفه وقتها، هو أنني كنت في وسط أقوى سوق صاعد رآه العالم حتى ذلك الوقت، وأنه كان من الصعب جدًّا ألا يرى أي شخص بعض الأرباح إلا إذا كان سيئَ الحظ جدًّا.

هذه ثلاث صفقات متوالية قمت بها في بدايات 1954؛ عقود جعلتني أعتقد أن وول ستريت هي مكاني الطبيعي، مع ملاحظة أنه في كشف الحساب هذا وكل كشوف الحساب التي سأذكرها في هذا الكتاب فإنني قد خصمت عمولات السمسار والضرائب.

200 سهم“كولومبيا للتصوير” COLOMBIA PICTURES
 شراء على 20(4,050.00 دولار)
 بيع على 22 ⅞(4,513.42 دولار)
 أرباح463.42 دولار
200 سهم“شمال أمريكا للطيران” NORTH AMERICAN AVIATION
 شراء على 22 ¼(4,904.26 دولار)
 بيع على 26 ⅞(5,309.89 دولار)
 أرباح405.63 دولار
100 سهم“كيمبرلي– كلارك” KIMBERLY-CLARK
 شراء على 53 ½(5,390.35 دولار)
 بيع على 59(5,854.68 دولار)
 أرباح464.33 دولار
 إجمالي الأرباح1,333.38 دولار

سوف تلاحظ أنني في كل واحدة من هذه الصفقات جنيتُ ما يزيد قليلًا عن الـ 400 دولار، وهو ما لم يكن بالمكسب الكبير، ولكن تحقيق ثلاث صفقات رابحة على التوالي جنيتُ من ورائها 1333.38 دولار في بضع أسابيع قليلة، جعلَني أشعر بأن هذه العملية سهلة وبسيطة وأنني أسيطر على زمام الأمور.

إن الإحساس بتحقيق الربح في وول ستريت تحالف مع رهبتي الطبيعية من المكان ليجعلني أبدو سعيدًا بحماقة. كنت أشعر بأنني أتخلى عن شخصية المبتدئ التي تعاملتُ بها مع السوق الكندي وأنني أنتقل لأكون عضوًا في دائرة الأشخاص المهمين في عالم المال. ولم ألاحظ أن طريقتي في المتاجرة لم تتحسن، وأنني بعفويةٍ كنت أستخدم كلماتٍ أكثرَ غرورًا لأغطي ذلك. فعلى سبيل المثال، توقفتُ عن النظر لنصائح السمسار كأقاويل عابرة، وأصبحت أعتبرها “معلومات” مهمة. وبقدر اهتمامي، فقد توقفت عن الاستماع للأقاويل العابرة وبدلًا عنها أصبحت أتلقى أخبارًا مبنية على أدلة اقتصادية سليمة.

وأبحر القاربُ بِسَعادةٍ، وإليكم بعض الصفقات التي قمت بها ما بين أبريل ومايو 1954:

 شراءبيع
سهم “الوطنية للحاويات” NATIONAL CONTAINER1112 ⅜
سهم “مفوضية القارات الثلاثة” TRI-CONTINENTAL WARRANTS5 ⅛6
سهم “آلِس -تشالمرز” ALLIS-CHALMERS50 ¾54 ⅞
سهم “بوسيروس -إري” BUCYRUS-ERIE24 ¾26 ¾
سهم “جنرال ديناميك” GENERAL DYNAMICS43 ½47 ¼
سهم “ماكينات ميستا” MESTA MACHINE3234
سهم “العالمية للتصوير” UNIVERSAL PICTURES19 ⅝22 ¾

أرباح؛ أرباح ثم مزيد من الأرباح. ثقتي بنفسي كانت في ذروتها. لقد أصبح من الواضح لي أن أحوالي تغيرت عما كانت عليه في بورصة كندا؛ فهنا في أمريكا كان كل ما ألمسه يتحول لذهب. ومع نهاية شهر مايو، كانت استثماراتي التي قيمتها 10,000 دولار قد ارتفعت إلى 14,600 دولار. ولم تزعجني الانتكاسات التي كانت تحدث في بعض الأحيان؛ فقد كنت أنظر إليها كعائقٍ صغيرٍ في طريقي الصاعد نحو الازدهار، بالإضافة إلى أنني كلما حققت نجاحًا كنت أنسبه لنفسي، وإذا خسرت كنت ألوم السمسار.

استمررتُ في المتاجرة بانتظام؛ وفي بعض الأحيان، كنت أتصل بالسمسار عشرين مرة في اليوم الواحد، وإذا لم أكلمه ولو لمرة واحدة يوميًّا كنت أشعر بأنني لم أؤدِّ الدور المطلوب مني في سوق الأسهم. إذا رأيت سهمًا جديدًا كنت أرغب في الحصول عليه. وكنت أبحث عن الأسهم الجديدة مثل طفل يسعى للحصول على لعبة جديدة.

مجموعة الصفقات التي قمت بها في يوليو 1954 تُظهر مقدارَ الطاقة التي أهدرتها من أجل القليل جدًّا من الأرباح:

200 سهم “إذاعة بارا مونت الأمريكية” AMERICAN BROADCASTING-PARAMOUNT
شراء  
100 على 16 ⅞(1,709.38 دولار) 
100 على 17 ½(1,772.50 دولار) 
بيع على 17 ⅞(3,523.06 دولار) 
  41.18 دولار أرباح
100 سهم “نيويورك سنترال” NEW YORK CENTRAL
شراء على 21 ½(2,175.75 دولار) 
بيع على 22 ½(2,213.70 دولار) 
  37.95 دولار أرباح
100 سهم “جنرال ريفاكتوريز” GENERAL REFRACTORIES
شراء على 24 ¾(2,502.38 دولار) 
بيع على 24 ¾(2,442.97 دولار) 
  59.41 دولار خسائر
100 سهم “الخطوط الجوية الأمريكية”
شراء على 14 ¾(1,494.75 دولار) 
بيع على 15(1,476.92 دولار) 
  17.83 دولار خسائر
 79.13 دولار إجمالي الأرباح 
  77.24 دولار إجمالي الخسائر

صافي أرباحي لهذه المجموعة من الصفقات كان 1.89 دولار. والشخص الوحيد السعيد بذلك كان السمسار؛ فوفقًا لقواعد التداول في بورصة نيويورك، فإن صافي عمولاته كان 236.65 دولار. علمًا بأن صافي أرباحي المقدر بـ 1.89 دولار لم يشمل فاتورة مكالمات التليفون.

وفي ظل كل هذه الأمور، لم يزعجني سوى شيءٍ واحدٍ، هو أنني لم أفهم تقريبًا نصفَ عدد الكلمات التي كان سمساري يستعملها. ولأنني لم أرغب في أن أبدو جاهلًا، فقد بدأت القراءة حول هذا الموضوع؛ فبالإضافة للاطلاع على العمود الاقتصادي في صحيفة نيويورك، بدأت أيضًا في قراءة الكتب حول سوق الأسهم حتى أستطيع التحدث بنفس المستوى الذي يتحدث به السمسار.

ببطءٍ تعرفتُ على مجموعة من الكلمات الجديدة، وكنت أحاول دائمًا استخدامها. كنت مبهورًا باستعمال كلمات مثل: العائد وتوزيعات الأرباح والرأسمالية. لقد تعلمت أن كلمة “الإيراد السنوي للسهم” تعني حاصل قسمة صافي أرباح الشركة على إجمالي الأسهم المتاحة، وأن كلمة “قائمة الأسهم المُدرجة” تعني الأسهم المُسجلة رسميًّا في بورصتَيْ أمريكا ونيويورك لتداول الأوراق المالية.

عملتُ على تعلم تعريفات الأسهم، وسندات الخزانة، والأصول والعوائد.

كان لديَّ كم وافر لأقرأه؛ لأن هناك مئات من الكتب المنشورة حول سوق الأسهم. كان هناك مؤلفات حول سوق الأسهم أكثر من المؤلفات المكتوبة عن أي نشاط اجتماعي آخر. ومن الكتب التي قرأتها في ذلك الوقت:

– كتاب “ألف باء الاستثمار” ABC of Investing     للكاتب “آر. سي. إيفنجر” R. C. Effinger

– كتاب “سوق الأسهم” The Stock Market للمؤلفين “ديس وإيتمان” Dice &Eiteman

– كتاب “سوق الأسهم وطريقة عمله” The Securities Market: And How It Works للكاتب “بي. إي. سكالتز” B. E. Schultz

– كتاب “استثماراتك” Your Investments للكاتب “ليو بارنز” Leo Barnes

– كتاب “أرباح في سوق الأسهم” Profit In The Stock Market للكاتب “إتش. إم. جارتللي” H. M. Gartley

– كتاب “أرباح مُستقرة في سوق الأسهم” Consistent Profits In The Stock Market للكاتب “كيرتس داهل” Curtis Dahl

– كتاب “إنك تستطيع أن تصنع المال في سوق الأسهم” You Can Make Money In The Stock Market للكاتب “إي. جي. مان” E. J. Mann

ازداد فضولي للبورصة أكثر، بفضل المصطلحات الجديدة التي تسلحتُ بها، وما كان يبدو لي كازديادٍ في المعرفة. لقد بدأت أعتقد أن الوقت قد حان للبحث عن ورقة قوية مثل “بري لند”.

بدأت في الاشتراك في دوريات متابعة السوق مثل “موديز، فيتش ستاندرد أند بورز” Moody’s,Fitch, and Standard & Poor’s، فأعطتني ما كان يبدو كمعلوماتٍ إداريةٍ، فيما عدا أنني لم أعرف كيف أستفيد منها.

بعض الفقرات كانت تبدو هكذا:

“زيادة توسعية في النفقات الاستهلاكية للسلع المُعمرة وغير المُعمرة والخدمات، بالإضافة إلى تحسُّن واضح إلى حدٍّ ما في الكفاءة الإنتاجية، وهو ما يدعم تحسُّن العوائد وتوزيعات الأرباح للشركات التي ترتبط عوائدها بالتحسُّن في هذه الظروف. نحن نتوقع استمرارًا مؤقتًا للأداء غير المنتظم مع توقع ظهور تأثير البيانات الإيجابية في القريب العاجل”.

كانت كلماتهم وقورة ورائعة، وهي تخبرني بما أريد أن أعرفه فيما عدا المعلومة الخاصة بأي الأسهم سيرتفع مثل “بري لند”.

كان الفضول يغلبني وأنا أقرأ لهم. كنت أريد أن أعرف ما الذي تقوله الدوريات الأخرى لمتابعة الأسواق، ووجدت – كما هو الحال في كندا – أنني أستطيع مقابل دولار واحد الحصول على اشتراك تجريبي لمدة أربعة أسابيع في إحدى هذه الخدمات. وبسرعة، وجدت نفسي مشتركًا تقريبًا في كل دورية مُعلن عنها.

جمعت القصاصات من كل مكان، سواء من الجرائد اليومية أو الأعمدة الاقتصادية أو من هوامش الكتب. أينما وجدت إعلانًا لدورية لمتابعة السوق، كنت أرسل دولارًا قيمة الاشتراك عبر البريد.

ومع استلامي للدوريات التي اشتركت بها كنتُ أتعجب لأنها غالبًا ما كانت تتعارض مع بعضها البعض. فكان من المعتاد أن تنصح إحدى الدوريات بشراء سهم معين، وعلى النقيض تنصح دورية أخرى ببيعه. كذلك لاحظت أنه دائمًا ما تكون التوصيات غير واضحة؛ فقد كانوا يستعملون عبارات مثل “اشتري عند الارتداد” أو “وجب الشراء عند الانخفاض”، ولكن لم تخبرني أي منها ما هو الارتداد وما هو الانخفاض.

أشرفت على قراءة كل ذلك بشغف على أمل كشف السر الذي يمكنني من شراء الأسهم التي ترتفع فقط.

في يوم ما، نشرت إحدى الدوريات التي تفتخر بأنها لا تُعلق على السوق إلا من خمس لست مرات سنويًّا، منشورًا مميزًا كاد يصل حجمه لحجم كتاب كامل عن شركة “راديو إميرسون” EMIRSON RADIO. كانت الدورية تقارن هذه الشركة بوحش السوق “آر. سي. إيه” R.C.A. وقد ذهبت بعيدًا في تحليل بيانات شركة “راديو إميرسون” من حيث رأس المال، وحجم المبيعات، والأرباح قبل الضرائب والأرباح بعد الضرائب، ومُكرر ربحية السهم، ونسبة السعر للعائد المقارن.

لم أفهم كُل ذلك، ولكنني كنت مبهورًا جدًّا بثقافة الكلمات والمقارنات التحليلية. لقد أثبتوا أن سهم “راديو إميرسون” الذي يباع في السوق حول الـ 12 دولارًا، يجب أن يصل سعره ما بين 30 إلى 35 دولارًا، مقارنة بـ R.C.A في ذلك الوقت.

بتلقائيةٍ، اشتريتُ “راديو إميرسون”. دفعت 12 ½ دولارًا في السهم الواحد، وبدا لي ذلك كسعر منخفض للصفقة التي أكد الكتيب لي فيها أن السهم يساوي 35 دولارًا. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ بدأ هذا السهم في الانجراف هابطًا. بعد الكثير من الحيرة والتشويش، بعت السهم.

أما الآن، فأنا أعرف أن محلل وول ستريت الخطير الذي أعدَّ هذا الكتاب اللامع، لا يمتلك شيئًا سوى النوايا الحسنة. وللأمانة، فمع نهاية 1956، سعر السهم وصل 5 ¾ دولار.

في ذلك الوقت، كنت قد سمعت مقولة يتناقلها الناس بينهم شفاهيًّا منذ أجيال في وول ستريت، ولكنها بالنسبة لي كانت جديدة، وهي: “إنك لا يمكن أن تفلس لو جنيت الأرباح”. لقد تأثرت كثيرًا بهذه العبارة، وكنت أرغب في وضعها حيز التنفيذ. وإليكم كيف فعلت ذلك.

في مطلع 1955، كان أحد الأسهم القيادية في السوق هو سهم “كايزر للألومنيوم” KAISER ALUMINUM. وبناءً على توصية سمساري، اشتريت 100 سهم على 63 ⅜ دولار ودفعت 6,378.84 دولار لهذا السهم. استمر السهم في الارتفاع بثبات، وعندما وصل 75 بعته، واستلمت 7,453.29 دولار، وهو ما أعطاني 1,074.45 دولار من الأرباح في أقل من شهر.

آملًا في تحقيق المزيد من الأرباح السريعة، قمت بالانتقال لمائة سهم في “بوينج” BOEING على 83. دفعت 8,343.30 لشراء هذه الأسهم، لكن السهم بدأ فورًا في الهبوط. وبعد أربعة أيام، بعته على 79 ⅞ ليعود لي 7,940.05 دولار. وكانت خسارتي في عملية “بوينج” 403.25 دولار.

في محاولة لتعويض الخسائر، اشتريت سهم “ماجما للنحاس” MAMA COPPER في أول أسبوع من إبريل. كان يُباع بـ 89 ¾. دفعت 9,018.98 دولار لشراء مائة سهم. لم يمُر الكثير من الوقت منذ شرائي له إلا وبدأ في السقوط. وبعد أسبوعين، بعته على 80 ½ لأجني 8,002.18 دولار. أدى ذلك إلى خسارتي 1,016.80 دولار.

وفي هذا التوقيت، كان سهم “كايزر للألومنيوم” الذي خرجت منه في الأسبوع الأول من مارس قد صَعِد إلى 82. إحدى الدوريات كانت توصي به، لذلك قررت شراءه من جديد، فاشتريت مائة سهم على ذلك السعر. ودفعت 8,243.20 دولار.

بعد خمس دقائق من عملية الشراء، بدأ في الانزلاق. ولأنني لم أرغب في المخاطرة بالمزيد من الخسائر، بعت على 81 ¾ واستلمت 8,127.59 دولار. وذلك يعني أنني في خمس دقائق من المتاجرة كنت قد خسرت 115.61 دولار، بما في ذلك عمولة السمسار.

في صفقتي الأولى لسهم “كايزر للألومنيوم”، كنت قد حققت 1,074.45 دولار من الأرباح. والخسائر التي تحققت من القفز دخولًا وخروجًا في الأسهم الأخرى كانت 1,535.66 دولار. وبذلك فإن كل سلسلة الصفقات التي قمت بها وبدأت وانتهت بسهم “كايزر للألومنيوم” عادت عليَّ بصافي خسائر قدره 461.21 دولار.

لو كنت احتفظت بمشترياتي من سهم “كايزر للألومنيوم” من صفقتي الأولى التي كانت على سعر 63 ⅜ حتى سعر البيع الأقصى عند 81 ¾، لكنت حققت أرباح قدرها 1,748.75 دولار عوضًا عن 461.21 دولار من الخسائر.

ها هي حالة أخرى. من نوڤمبر 1954 إلى مارس 1955، كنت معتادًا على القفز دخولًا وخروجًا من سهم يدعى “رايونير” RAYONIER، كان قد قفز في ثمانية شهور من 50 إلى 100 دولار. وهذه كانت صفقاتي في هذا السهم؛ كل صفقة بعدد مائة سهم:

نوڤمبر – ديسمبر 1954  
شراء على 53(5,340.30 دولار) 
بيع على 58 ¼(5,779.99 دولار) 
  439.69 دولار أرباح
فبراير – مارس 1955  
شراء على 63 ⅞     (6,428.89 دولار) 
بيع على 71 ⅝       (7,116.13 دولار) 
  687.24 دولار أرباح
مارس 1955  
شراء على 72(7,242.20 دولار) 
بيع على 74(7,353.39 دولار) 
  111.19 دولار أرباح
  1,238.12 دولار إجمالي الأرباح

ووصل مجموع الأرباح التي حققتها من وراء هذه السلسة من الصفقات إلى 1,238.12 دولار. ثم أعاد نموذج الخسائر القديم تكوين نفسه؛ ففي أبريل 1955 تحولت لشراء شركة “مناتي للسكر” MANATI SUGAR، فاشتريت ألف سهم على 8 ⅜ ودفعت 8,508.80. وبعد الشراء مباشرةً، بدأ في الانزلاق لأسفل فخرجت بائًعًا على عدة أسعار 7 ¾، و7 ⅝، و7 ½. واستلمت ما إجمالي قيمته 7,465.70 دولار، وهو ما جعلني أخسر 1,043.10 دولار. وذلك ترك معي 195.02 دولار هي مجموع أرباحي من صفقات كل من ” رايونير” و”مناتي”.

ولو كنت أبقيت على مشترياتي الأولى في “رايونير” التي قمت بها في نوڤمبر بدون محاولات جني الربح المستمرة وكنت بِعت في أبريل على 80، لكنت حققت أرباح تقدر بـ 2,612.48 بدلًا من 195.02.

إذًا ما الذي يعنيه كل ذلك؟ لم أُقدِّر الموقف في ذلك الوقت، ولكنني فهمت أن ما حدث لي كان إثباتًا عكسيًّا لعبارة “إنك لا يمكن أن تفلس لو جنيت الأرباح”. فمن المؤكد أن عكس ذلك قد يحدث.

مقولة أخرى كانت قد بدأت تبهرني تقول “اشتري الرخيص وبِع الغالي”. هذه العبارة رنانة أكثر من سابقتها. ولكن من أين يمكنني شراء سهم رخيص؟ وفي أثناء بحثي عن صفقة جديدة، اكتشفت السوق الموازي. السوق الذي يتم فيه تداول الأسهم غير المدرجة في لائحة البورصة. وكُنت قد عرفت من قراءتي للكتب أن السهم لكي يُدرج في قوائم البورصة، لا بد له من أن يحقق عدة اشتراطات مالية. وسمِعت أن الأسهم غير المدرجة هي التي لم تنطبق عليها هذه الاشتراطات.

هذا السوق بدا لي المكان المثالي لأجد هذا النوع من الصفقات. بسذاجةٍ اعتقدتُ في ذلك لأن الأسهم لم تكن مدرجة في القوائم الرسمية، وبالتالي فعدد قليل من الناس يعرف عنها، ممَّا سيمنحني الفرص لشرائها بأسعار رخيصة. اشتركت على عجل في كتيب يصدُر شهريًّا اسمه “أسهم خارج المقصورة”، ثم تصفحته وبدأت أصطاد فرائسي.

بدأت أبحث بشغف وسط الآلاف المؤلفة من الأسماء من أجل البحث عن الصفقات المعروضة. اشتريت أسهمًا مثل: PACIFIC AIRMOTIVE، COLLINS RADIO، GULF SULPHUR، DOMAN HELICOPTER، KENNAMETAL، TEKOIL CORPORATION وبعض الأسماء الغامضة الأخرى. ما لم أكن أعرفه، هو أنني عندما كنت أعرض هذه الأسهم للبيع، كان البعض منها يلتصِق بي مثل الغِراء! لقد وجدت أن من الصعب جدًّا التخلص منها ولو بأي سعر قريب أو بعيد من السعر الذي اشتريتها به. ولكن لماذا؟ بسبب عدم وجود انضباط في حركة الأسعار كما يحدث مع الأسهم المدرَجة. لم يكن هناك متخصصون وخبراء يضمنون للزبون سوقًا ثابتًا ومنظمًا للبيع. لم تكن هناك تقارير توضح للمرء الأسعار التي تتم عليها الصفقات. كان هناك فقط سعر العرض وسعر الطلب، وقد اكتشفتُ أن هذين السعرين كانا يبتعدان جدًّا عن بعضهما. فعندما كنت أريد البيع على سعر 42 الذي هو سعر العرض، لم أكن أجد مشتريًا يطلب إلا بسعر 38. في بعض الأحيان، كنت أنهي الصفقة على 40، ولكن ذلك لم يكن أكيدًا.

عندما تعثرت في سوق خارج المقصورة، لم تكن كل هذه الأمور معروفة بالنسبة لي. ولحسن الحظ، فهمت بسرعة أن هذا السوق للمتخصصين الذين لديهم معلومات حول شؤون شركة محددة.

لذلك قررت التخلي عن هذا السوق، والعودة مجددا لسوق داخل المقصورة.

بعد كل هذا الوقت، لم أسأل قط عن حقيقة أي من الشائعات التي تدور في وول ستريت. ولم يكن لديَّ طريقة لكي أعرف أنها شائعات خطرة مثل تلك التي كنت أتلقاها في السوق الكندي أو الموجودة في أي سوق آخر.

ما كنت أعتقد أنه معلومات مؤكدة تُضخ مباشرة من وول ستريت، كان له أعظم الأثر عليَّ. وها هما حالتان مثاليتان تظهران نوعَ المعلومات التي كانت تجتذبني وأتصرف بناءً عليها.

في يوم ما، انتشرت شائعة في وول ستريت، أن شركة “بالدوين -ليما -هاميلتون” BALDWIN-LIMA-HAMILTON (وهي شركة تعمل في مجال تصنيع معدات خطوط السكك الحديدية) قد وقعت صفقة لبناء قطار أتوماتيكي. وقد استجابت وول ستريت للخبر في التو واللحظة، وقفز السهم مثل الصاروخ من سعر 12 إلى 20 دولارًا.

مع قدوم الوقت الذي وصلتني فيه هذه المعلومة، كان السهم قد وصل لما أصبح لاحقًا قمته السعرية. اشتريت مائتي سهم على سعر 24 ½ دولار، ودفعت في هذه الصفقة مبلغ 4,954.50 دولار. احتفظت بالسهم لأسبوعين، وشاهدته غيرَ مصدقٍ ما يحدث له من انزلاق سعري بطيء، حتى عاد السهم مرة أخرى إلى 19 ¼. وعند ذلك أدركت أن هناك خطأ ما، وبعته بخسارة قدرها 1,160.38 دولار. ورغم الخسارة، إلا أن ما أقدمت عليه كان أفضل تصرف في وسط ارتباكي؛ فكان من الممكن أن أحقق خسائر أكبر من ذلك بكثير في هذا السهم، حيث إنه هبط فيما بعد إلى 12 ¼.

في وقت آخر، اتصل بي سمساري وقال: “سهم “ستيرلنج بريسشن” STERLING PRECISION سوف يصل إلى 40 دولارًا قبل نهاية العام”. سعر السهم وقتها كان 8 دولارات. وقد أطلعني سمساري على السبب: “الشركة تشتري الكثير من الشركات الصغيرة المزدهرة، وسوف تنمو لحجم عملاق في وقت قياسي”. وقد أخبرني أن هذه المعلومات لم يعرفها أحد بعد.

وبالنسبة لي، كانت هذه المعلومات كافية لتحفيزي. ولم لا؟ كل سماسرة وول ستريت الذين أعرفهم لا يمكن أن يخطئوني بمعلومات أصيلة مثل هذا الخبر. لم يكن في استطاعتي أن أعطي أمر الشراء بالسرعة الكافية؛ فقد قررتُ بناءً على مصدر هذه المعلومات أن أشتري بوزن وثقل كبير في هذا السهم، فاشتريت ألف سهم في “ستيرلنج بريسشن” على سعر7 ⅞ ودفعت 8,023.10 دولار. وجلست في فرحةٍ غامرةٍ لأشاهد السهم الذي سينطلق مثل الصاروخ لسعر 40 دولارًا. وبدلًا من الانطلاق الصاروخي، أخذ السهم في الارتعاش. وببطءٍ بدأ ينزلق لأسفل. وعندما بدا أنه سيذهب أسفل 7 دولارات، كان من الواضح أن هناك شيئًا ما خطأ، فقمت بالبيع على سعر 7 ⅛ لأجني 6,967.45 دولار. كانت هذه المعلومة السرية سببًا في خسارتي 1,055.65 دولار في بضعة أيام. بعد ذلك هبط السهم ليلامس القاع عند 4 ⅛.

ولكن إحساسي بالفخر لكوني جزءًا من وول ستريت كان يعوضني عن معظم هذه الخسائر، فكنت أستمر في البحث عن طريقة جديدة. في أحد الأيام بينما كنت أقرأ صحيفة وول ستريت، وجدت عمودًا به تقرير مبيعات ومشتريات رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات المُدرجة في القوائم الرسمية للبورصة. وعندما تعمقت في هذا الموضوع، عرفت أن هذه القوائم تُعلن لمنع التلاعب؛ فهيئة الرقابة في البورصة كانت تطلب من مديري وأعضاء مجالس إدارات الشركات تقارير أينما باعوا أو اشتروا أسهمًا تخص الشركات التي يعملون بها. فبدا لي أن هناك شيئًا جديدًا يمكن الاستفادة منه! فهذا قد يكون سبيلًا يساعدني على معرفة ما يفعله أصحاب المعلومات السرية في هذه الشركات. وكل ما كان عليَّ فعله هو أن أتبعهم، فأشتري لو كانوا يشترون، وأبيع لو كانوا يبيعون.

لقد جربت هذه الطريقة ولكنها لم تنجح. ومع الوقت، عرفت أن هذه التقارير غالبًا ما تأتي متأخرة. بالإضافة إلى أنني اكتشفت أن أعضاء مجالس الإدارات هم بشر يخطئون أيضًا. فمثل باقي المستثمرين كانوا يشترون في وقت متأخر ويبيعون في وقتٍ مبكرٍ. وقد اكتشفتُ أمرًا آخرَ، هو أنهم قد يكونون على درايةٍ بالشركات التي يعملون بها، ولكنهم ليسوا على درايةٍ بموقف السوق الذي يتم فيه تداول أسهمهم.

ومن خلال تراكم خبراتي، بدأتْ بعض الاستنتاجات تظهر لي، تمامًا كما يحدث عندما يتكرر ذكر الكلمات أمام طفل فيبدأ في تعلمها؛ كذلك بدأتُ ببطءٍ – مِنْ خلال خبرتي في المتاجرة – أتبين الخطوط العريضة لبعض القواعد التي يمكن أن أطبقها. وهذه القواعد هي:

  1. يجب ألا أتبع الدوريات الخاصة بسوق المال؛ فتوصياتها قابلة للفشل سواء في كندا أو في وول ستريت.
  2. يجب أن أكون حذرًا فيما يخص توصيات السماسرة؛ لأنها من الممكن أن تكون خاطئة.
  3. يجب أن أتجاهل جميع الأمثلة والأقوال الشائعة في وول ستريت مهما كان وقارها أو قدمها التاريخي.
  4. يجب ألا أتاجر في سوق خارج المقصورة، وأن أتعامل فقط مع الأسهم المسجلة رسميًّا حيث يمكنني إيجاد مشترٍ وقتما أردت البيع.
  5. يجب ألا أستمع للشائعات، مهما كان مظهرها جيدًا.
  6. طريقة التحليل المالي عملت معي بصورة أفضل من المقامرة؛ لذلك يجب أن أدرسها.

كتبت هذه القواعد لنفسي، وقررت العمل بناءً عليها. وبدأت أدرس كشف حساب عملياتي، وعندها اكتشفت صفقة جعلتني أضيف للقائمة السابقة قاعدة سابعة، وهو ما أدَّى بالتبعية لمجموعة الأحداث التي تلت ذلك؛ فقد اكتشفت أنني أمتلك سهمًا لم أكن أعرفُه.

السهم كان “فيرجنين للسكك الحديدية” VIRGINIAN RAILWAY، وكنت قد اشتريت مائة سهم منه في أغسطس 1954 على 29 ¾ ودفعت 3,004.88 دولار. السبب في أنني نسيت أمر هذا السهم، هو أنني كنت مشغولًا بمكالماتي التليفونية والقفز دخولًا وخروجًا من دستةٍ من الأسهم الأخرى، محققًا في بعض الأحيان أرباحًا ضئيلةً قد تصل إلى 75 سنتًا فقط. كذلك ففي أحيان أخرى كنت أجري المكالمات بشكل محموم محاولًا بيع سهم ينزلق سعريًّا قبل أن ينخفض لأبعد مما هو عليه.

إن سهم “فيرجنين للسكك الحديدية” لم يجعلني أقلق ولو للحظة واحدة. لذلك تركته وشأنه. كان أشبه بطفل مُهذب يلعب جالسًا في هدوء عند زاويةِ المنزل، بينما كنت قلقًا ومتأثرًا بأفعال دستة من الأطفال الأشقياء. والآن عندما رأيت اسمه بعد أن ظلَّ معي لأحد عشر شهرًا، بالكاد تعرفت عليه؛ فقد كان هادئًا جدًّا، وقد ذهب عن ذهني تمامًا. هُرعتُ إلى جدول أسعار الأسهم الخاص بي، فوجدته يقف عند 43 ½. فهذا السهم الهادئ المنسي الذي يحقق عوائده، كان يرتفع ببطء.

بعتُه، وحصلت في المقابل على 4,308.56 دولار. بدون أي مجهود من جانبي وبدون أي توتر، كان قد حقق لي 1,303.68 دولار من الأرباح. إن ما حدث هنا جعلني أقدم بروية على ما قد يصبح القاعدة رقم سبعة وهي:

  • إنني يجب أن أتمسك أكثر ولفترة طويلة من الوقت بسهم واحد يرتفع، على أن أتلاعب بيعًا وشراءً بدستة من الأسهم لفترة قصيرة من الوقت.

ولكن أي سهم سيرتفع؟ وكيف لي أن أجدَه بنفسي؟

لذلك قررت أن ألقي نظرة على صفقتي في “فيرجنين للسكك الحديدة”. ما هو السبب الذي أدى لصعودها بثبات بينما باقي الأسهم كانت تقفز صعودًا وهبوطًا؟ طلبت من سمساري أن يُمدَّني بالمعلومات حول هذا السهم، فقال لي إن الشركة تدفع عوائدَ جيدةً ولديها سجل جيد من الأرباح، وبالتالي فإن وضعَها المالي ممتاز. والآن عرفت السبب وراء الصعود المستمر للسهم؛ فقد كان بسبب البيانات المالية. وقد زادني ذلك اقتناعًا بأهمية التحليل المالي.

وقد حزمتُ أمري على صقل قدراتي ومعرفتي بهذا المنهج. أخذت أقرأ وأدرس وأحلل بهذا الأسلوب، واتخذت على عاتقي أن أجد السهم المثالي.

اعتقدت أنني إذا درست التقارير المالية لشركةٍ ما، فإنني سأكتشف كل الأمور المتعلقة بالسهم الخاص بها، وبذلك أقرر إن كانت استثمارًا جيدًا أم لا. بدأت أتعلم كل ما يتعلق بالميزانيات العمومية وقوائم الدخل الخاصة بالشركات المساهمة. وقد أصبحتْ كلماتٌ مثل “الأصول”، و”الخصوم”، و”الرسملة” و”الشطب” كلماتٍ شائعةً في قاموس مفرداتي.

شهور مرتْ وأنا عاكف على هذه المشاكل؛ ليلة بعد ليلة، ولساعات طويلة بعد انتهاء تعاملاتي اليومية، وأنا أتمعن في القوائم المالية لمئات الشركات. كنت أقارن بين أصولها، وخصومها، ونسب العوائد التي تحققها، ومُكرر الربحية لكل منها.

كنت أكتب قوائم بأسماء الأسهم عناوينها مثل:

•        أسهم ذات تقييم جيد.

•        أسهم يفضلها الخبراء.

•        أسهم تتداول بأقل من قيمتها العادلة.

•        أسهم ذات مستوى تدفق نقدي قوي.

•        أسهم لم يحدث لها تراجع في توزيعات الأرباح.

لكنني مرارًا وتكرارًا، كُنت أواجه نفس المشكلة. فعندما يبدو كل شيء جيدًا على الورق، وعندما تبدو الميزانيات في شكلها الصحيح، وتبدو مُشرقة، فإن سوق الأسهم لا يستجيب.

على سبيل المثال، عندما قارنت الوضع المالي لعدة عشرات من شركات الغزل والنسيج، وبعد الكثير من الدراسات، وجدت أن القوائم المالية تشير بوضوح إلى أن سهم “أمريكان فيسكس” AMERICAN VISCOSE وسهم “ستيفنز” STEVENS هما الخياران المثاليان، وقد كان من المحيِّر لي جدًّا أن سهم “تكسترون” TEXTRON أخذ يتقدم سعريًّا، بينما الأسهم التي اخترتها لم تصعد. وقد حدث نفس الأمر بصورةٍ متكررةٍ في القطاعات الأخرى من السوق.

بارتباك وقليل من الحيرة، كنت أتساءل إن لم يكن من الحكمة أن أعتمد على المعايير المالية العليا للحكم على تمييز الشركات. وسألت سمساري إن كان هناك شيء يساعدني على الكشف عن الشركات المتميزة ماليًّا. وقد رشح لي دورية اقتصادية يتم استخدامها من قبل الجادين، وهي تصدر شهريًّا، وأخبرني أنها ستعطيني المعلومات الحيوية عن آلاف الأسهم وطبيعة عملها والمدى السعري الذي تدور فيه منذ أكثر من عشرين عامًا، والعوائد التي تم توزيعها، وهيكلها المالي ونصيب السهم فيها من الأرباح. كذلك فهي تُقيِّم الأسهمَ وَفق معيارٍ نسبي للقيمة، ودرجة أمان الاستثمار. وقد أذهلني كيف تم ذلك.

الأسهم ذات التقييم الأعلى التي تحقق عوائدَ بصورةٍ شبه مؤكَّدة كانت تُقيم كما يلي:

•        “أ أأ” – الأكثر أمانًا.

•        “أ أ” – آمنة.

•        “أ” – مقبولة.

الأسهم التي تدفع عوائدها، في الغالب كانت تقيَّم كما يلي:

•        “ب ب ب ” – أفضل ما في المجموعة.

•        “ب ب ” – أسهم جيدة.

•        “ب ” – أسهم عادلة.

أسهم أقل في التقييم لأنها تدفع العوائد، لكن مستقبلها غير واضح:

•        “ج ج ج” – أفضل ما في المجموعة.

•        “ج ج” – توقعات أرباح عادلة.

•        “ج” – توقعات أرباح طفيفة.

أقل الأسهم تقييمًا:

•        “د د د” – لا توجد توقعات بشأن الأرباح.

•        “د د” – قيمة واضحة طفيفة.

•        “د” – لا توجد قيمة واضحة.

لقد درست كل هذه التقييمات بعناية، وقد بدت لي بسيطة جدًّا، ولم أعد بحاجة لمزيد من تحليل الموازنات وقوائم الدخل؛ فكل ما كنت أريده موجود وواضح أمامي، وكل ما كان عليَّ أن أفعله هو أن أقارن بين الأسهم؛ فالمجموعة “أ” أفضل من “ب “، والمجموعة “ج” أفضل من “د”.

كنت مُنغمسًا وسعيدًا بطريقتي الجديدة؛ فبالنسبة لي كان لهذه الطريقة سحر وهدوء العلم، ولم أعد ألعوبةً بيد الشائعات المحمومة؛ فقد بدأتُ أتحوَّل لأكون الخبير المالي الهادئ والمنعزل.

كنت واثقًا من أنني أضع أساس تكوين ثروتي. أنا الآن أشعر بأنني مؤهلٌ لذلك وواثق من نفسي. لم أعد أستمع للأقاويل من أي شخص، ولم أعد أطلب النصيحة من أي شخص، وقررت أن كل شيء حدث لي من قبل –  مثل فترة المقامرة في السوق الكندي –  كان كصفعةٍ سعدت بها. شعرت بأن كل ما عليَّ فعله الآن للوصول للنجاح، هو أن أعدَّ جدولي الخاص بالمقارنة بين الأسهم، وقد فعلتُ ذلك، وأنفقت العديد من الساعات بجديةٍ على هذه المهمة.

العودة إلى الفهرس

Scroll to Top