دارڤاس وأركان المضاربة الأربع

مرحبًا بك عزيزي المُضارب،

من الأسباب الهامة التي دفعتني لترجمة كتاب “كيف ربحت 2 مليون دولار في سوق الأسهم“، أن “نيكولاس دارڤاس” كان على دراية ووعي بالأركان الأربعة للمُضاربة في أسواق المال. وقد طبق هذه الأركان بعناية وحقق التوازن بينها مما جعله يصل في النهاية لخطة محكمة الأركان مكنته من الوصول للهدف الذي أراده. وفيما يلي محاولة لتحليل استخدام دارڨاس لأركان المضاربة الأربعة.

أولا. مبدأ كفاءة السوق

اعتقد المضارب الراقص في بداية مسيرته داخل وول ستريت أنه يستطيع الحصول على ميزة تنافسية من خلال التوصيات – التعامل مع الخبراء – النشرات الاخبارية المدفوعة، وبعد أن جرب كل هذه الحيل والألاعيب وعرف مواطن ضعفها أدرك أنها لن تمنحه التفوق على وول ستريت، وهنا أدرك أن حرية العرض والطلب وحدها هي ما يدفع الأسعار للتقدم أو التراجع. وبالتالي فمن حق الورقة المالية أن تتحرك كيفما تشاء ووقتما تشاء.

إن فهمه لمبدأ حرية العرض والطلب وكفاءة السوق Market Efficient هو الذي دفعه فيما بعد لتأليف كتاب عن هذه النقطة تحديدًا، تحت عنوان “وول ستريت، لاس فيجاس الأخرى” Wall Street, the Other Las Vegas. وبصراحة، فإن هذا قد أثار دهشتي، لأنني – شخصيًا – احتجت لأكثر من عشرين عامًا حتى وصلت لفهم هذا الركن الأساسي لفهم طبيعة المضاربة في أسواق المال. أضف لهذا الرقم ثلاث أو أربع سنين حتى استطعت أن أهضمه جيدًا.

ثانيا. تحليل البيانات

لكي يتخذ المضارب قرار بالبيع أو الشراء فإن عليه أن يقوم أولًا بتحليل بيانات السوق. وهناك العديد من المدارس التحليلية التي يعتمد عليها المضاربين في أسواق المال. وقد اعتمد دارڨاس على ثلاث قواعد فنية في اختياره للأسهم التي سيضارب فيها، وهي:

  • تحليل حركة الأسعار
  • تحليل حجم التداول
  • تحليل نمط ونموذج الحركة

فقد كان يبحث عن الأسهم التي تتحرك بصورة سريعة ونشطة مقارنة بزملائها؛ على أن تكون الحركة السعرية مصحوبة بحجم تداول ملفت للانتباه؛ واختراق خط حركة الأسعار لأعلى قمة تاريخية وصل لها في الماضي.

والجمال هذه الشروط يتمثل في البساطة والوضوح معًا. فهو لا يحب تعقيد الأمور باستخدام أدوات متخصصة مثل موجات إليوت أو زوايا جان أو نسب فيبوناتشي وغيرها، ولكنه يريد أن يكون تحليله الفني سهل الفهم والتذكر بأكبر قدر ممكن.

ثالثا. إدارة المخاطر المالية

دارڨاس يعتبر أول شخص أعرفه يطبق “وقف الخسائر المتحرك” Trailing Stop؛ حيث يضع أمر بيع مُعَلق أسفل آخر قاع للحركة السعرية، ثم يتابع حركة الأسعار فإذا ارتفعت فإنه كان يرفع السعر في أمر البيع المعلق لأعلى.

أضف لذلك أن دارڤاس قد استخدم أسلوب “التدرج الهرمي” Pyramiding في بناء مراكزه في المضاربة. فكان عندما يجد فرصة جيدة يقوم بشراء “كمية أولوية” Initial Amount ليختبر صحة نظرته في كون السهم قابل للصعود من عدمه ثم يضع أمر البيع المعلق في الأسفل لحمايته. فإذا ارتفع السهم فإنه يزيد كميته، لأنه بذلك يكون قد تأكد من أن السهم ينوي الصعود، لكن إذا انخفض السهم فإن أمر البيع المعلق يخرجه من الورقة المالية بأقل الخسائر الممكنة.

وعندما تدرس هذه الخطوات ستجد أن دارڨاس كان يدخل عملياته مشتريًا بالتدريج مع اتجاه الحركة السعرية، ولكنه عندما يخرج فإنه كان يخرج مرة واحدة. فالدخول تدريجي وبطيء لكن الخروج خاطف وسريع.

رابعًا. الجانب النفسي

على الرغم من أن هذا الركن من أركان مدرسة المضاربة في أسواق المال قد احتاج من دارڤاس لبعض الوقت لكنه وبعد أن أدركه وتعلمه استطاع أن يضيف لثروته مليون ونصف من الدولارات.

بعد أن وقع دارڨاس في العديد من المشاكل التي تسبب له فيها اختلاطه بجمهور وول ستريت، وضع دارڤاس لنفسه نظام صارم ليعزل نفسه عن مجتمع البورصة فيحظى بالصفاء الذهني المطلوب لانتقاء الأسهم التي يضارب عليها ومتابعتها. فحيث أنه كراقص مسرحي كان يعمل ليلا، فإنه كان ينام نهارًا بينما وول ستريت تعمل ويصحو في الليل ليؤدي عرضه على المسرح ثم يشتري الجريدة ويقطع منها صفحة الأسعار فقط ويلقي بالباقي في سلة المهملات، ثم يتجه إلى غرفته ليقوم بتحليل السوق، فإذا وجد أن عليه اتخاذ اجراء ما فإنه كان يرسله للسمسار كتلغراف يتم تنفيذ ما فيه في صباح اليوم التالي بينما هو نائم. وبهذا عزل نفسه عن أضرار وول ستريت وحصل منها على ما يريد، وهو المال.

من خلال تطبيق دارڤاس للأركان الأربعة باحترافية استطاع أن يكون الرجل المناسب لمهنة المُضاربة، وبوجوده في التوقيت المناسب استطاع أن يجني ثروة قدرها اثنين مليون دولار من سوق الأسهم.

Scroll to Top