إن نجاحي الهائل الذي حققته في إدارة صفقتي في سهم “إي. إل. بروس” كان من المفترض به أن يجعلني أكثرَ تهورًا وأقلَّ حرصًا. ولكن بطريقة ما، جعلني أكثر حرصًا. لقد ربحت أكثر من 325,000 دولار في تسعة أشهر من الاستثمار، وقد عزمت العقد على عدم خسارة ما حققته بحركةٍ خاطئةٍ؛ فالكثير من المتاجرين صنعوا أموالًا طائلة في تسعة أشهر ثم خسروها في تسعة أسابيع. لقد عزمت على ألا يحدث ذلك لي. أول خطوة قمت بها هي أنني سحبت نصف أرباحي من السوق، ومع رأس المال المتبقي، تابعت السوق بعينيَّ بحذر، بحثًا عن احتمال ظهور سهم جديد يُحسن التصرف. وكما يحدث غالبًا بعد الضربات الموفقة، كان لديَّ القليل من النجاح لشهرٍ أو اثنين مباشرة بعد نجاحي السابق.
فبحذر اشتريت 500 سهم في “موليبدينوم” MOLYBDENUM. اشتريت على 27 ودفعت 13,606.25 دولار، وتم إيقافي مباشرة بعد شرائي على 26 ½، فاسترددت 13,123.78 دولار.
كانت لي رحلة مع “هافج للصناعات” HAVEG INDUSTRIES. اشتريت 500 سهم على 31 ⅜، ودفعت 15,860.95 دولار. أخذ يستدير مرتدًّا، وبدا كأنه يريد أن ينزلق إلى 30، فخرجت منه على 30 ½ بـ 15,056.94 دولار.
ثم لم أعد أرى أيَّ سهم يجذب الانتباه. عدت للمغامرة مع “لوريلارد”؛ ذلك السهم الذي وقف مرة في وجه السوق الهابط مثل شجرة في وسط الصحراء. لقد أصبح الآن مُنهكًا ويتحرك ببطء مثل رجل عجوز، ولكن يبدو أن لديَّ انجذابًا عاطفيًّا تجاهه لأنه أبلى جيدًا بالنسبة لي في المرة الأولى. ولمدة طويلة، لم أستطع أن أتركه وحده؛ فقد أصبح مثل حيواني الأمريكي الأليف. كان هذا موقفًا خاطئًا تمامًا، ولكنني لم أستطع النجاة منه.
اشتريته ثلاث مرات، لأنني كنت أعتقد أنه سيرتفع لصندوق أعلى. ولثلاث مرات تم إيقافي لأن الصندوق الجديد لم يتكون. هذه هي الطريقة التي بدت بها عمليات “لوريلارد”:
1,000 سهم | ||||||
شراء على 70 ½ | (70,960.50 دولار) | |||||
بيع على 67 ⅜ | (67,369.74 دولار) | |||||
خسائر 3,590.76 دولار | ||||||
500 سهم | ||||||
شراء على 69 ⅛ | (34,792.05 دولار) | |||||
بيع على 67 ¾ | (33,622.42 دولار) | |||||
خسائر 1,169.63 دولار | ||||||
1,000 سهم | ||||||
شراء على 67 ¾ | (68,207.80 دولار) | |||||
بيع على 67 | (66,495.66 دولار) | |||||
خسائر 1,712.14 دولار |
هذا ما حدث. الخسارة الثالثة كسرت أخيرًا الرابطة النفسية مع هذا السهم ولم أشتره مرة أخرى. لقد أدركت أنه بما أن سهم “لوريلارد” يتحرك حاليًّا بوتيرةٍ بطيئةٍ، فإنه أصبح من الواضح أنه لم يعد السهم المناسب لي.
بعد أن تراجعت عن “لوريلارد”، جلست بهدوء لأقيم موقفي بشكل عام. وكان يبدو هكذا:
أرباح | أرباح | |
سهم “لوريلارد” | 21,052.95 دولار | 6,472.53 دولار |
سهم “داينرز كلب” | 10,328.05 | |
سهم “إي. إل. بروس” | 295,305.45 | |
سهم “موليبدينوم” | 482.47 | |
سهم “هافج للصناعات” | _________ | 804.01 |
326,686.45 | 7,759.01 |
إجمالي أرباحي كانت 318,927.44 دولار.
خلال الوقت الذي كنت فيه أشتري وأبيع “لوريلارد”، كنت أبحث بحرصٍ عن أسهم يمكنها أن تتطابق مع نظريتي. أحد العوامل القوية التي حثتني على البحث بعمقٍ كان أن عموم السوق بدأ يزداد قوة. بينما كُنت أشعر بأن هذه القوة تصبح ملموسة، أردت الاستفادة الكاملة منها بالدخول في الأسهم الواعدة مبكرًا قدر المُستطاع.
ضمن الأسهم التي شدت نظري، كان هناك سهم صغير وغير معروف اسمه “المنتجات العالمية” UNIVERSAL PRODUCTS. كان مُسعَّرًا حول 35، يجري صعودًا وهبوطًا ما بين 35 ⅞ و33 ½. وجدت أنها شركة تعمل في صناعة الإلكترونيات؛ ولذلك شعرت بأنها مؤهلة لتتناسب مع نظريتي الفنية – الأساسية.
إنه يوليو 1958، عندما كنت لا أزال في كالكوتا، طلبت من نيويورك أسعاره اليومية. القصة التي أخبروني بها كانت واعدة جدًّا. ولكن رغم ذلك فإن مشترياتي الأخيرة في “لوريلارد” وخسائري بها ذكرتني بأنني قد أكون مخطئًا عدة مرات على التوالي ولذلك أردت التصرف بحرص شديد. ظننت أنني سوف أحصل على شعور أفضل حيال السهم لو امتلكت القليل منه؛ لذلك قررت القيام بشراء استكشافي، وأرسلت التلغراف التالي:
“شراء 300 المنتجات العالمية 35 ¼ أو أفضل”
في اليوم التالي عندما تسلمت التلغراف الذي يقول لي أنني اشتريت 300 سهم في “المنتجات العالمية” على 35 ¼ أرسلت التلغراف التالي:
“أدخِل وقف خسائر 32 ½”
والآن لا يوجد ما يمكن فعله سوى الجلوس باسترخاء وانتظار الحركة التالية.
في هذه الفترة، كُنت أسافر ذهابًا وإيابًا داخل الهند كثيرًا على فترات قليلة، ولكن البرقيات الخاصة بأسعار “المنتجات العالمية” كانت تتبعني في كل مكان. في الأسبوع الثالث من أغسطس 1958 كنت في سريناغار في كاشمير، عندما لاحظت أن السهم بدأ يقوى، فأرسلت التلغراف التالي:
“شراء 1200 المنتجات العالمية 36 ½ مع وقف خسائر 33”
عندما عدت لفندق آمبريال في نيودلهي، وصلني تِلغراف بهذا التعليق:
“اشتريت 1200 ع 36 ½ مع وقف ع 36 ¾ (37 ⅞ -35 ⅜)”
ذلك يعني أنني اشتريت السهم على 36 ½ ثم أغلق على 36 ¾. فبينما لم يُقلع بقوة بعيدًا عن السعر الذي اشتريت به، فقد أغلق فوقه. والسؤال الآن هو: هل سيتقدم سهمي أم هل سيعود لصندوقه السابق؟
لقد كنت متحمسًا جدًّا. كذلك كنت قد وضعت حدًّا لخسائري المحتملة. الآن هي مسألة سؤال عن كون حكمي عليه صحيحًا أم خاطئًا. بالكاد كان يمكنني انتظار تِلغراف اليوم التالي. وعندما وصل أخيرًا، أخبرني بأن سهم “المنتجات العالمية” أغلق على 38 ⅛. إن مداه السعري لهذا اليوم كان 38 ¾ -37 ½. ذلك يعني أنني كُنت مُحقًّا (على الأقل للوقت الحالي).
في الأيام القليلة التالية، استمرَّ السهم في التقدم، وعندما كنت في كراتشي اشتريت 1,500 حصة أُخرى على سعر 40. بعد ذلك بفترة قصيرة، غيرت شركة “المنتجات العالمية” اسمها ليصبح “القيادة العالمية” UNIVERSAL CONTROLS، وتم تقسيم السهم بنسبة 2 إلى 1، واستمر في أدائه الجيد بعد عملية شرائي الأخيرة، فقررت أن لديَّ من سهم “القيادة العالمية” ما يكفيني لأهتم به.
بالضبط هذه كانت صفقاتي: (جميع الأسعار في هذا الجدول والجداول التالية هي متوسطات).
شراء استكشافي لـ 300 سهم على 35 ¼ | 10,644.93 دولار | ||
1,200 سهم على 36 ½ | 44,083.56 | ||
1,500 سهم على 40 | 60,585.00 | ||
إجمالي 3,000 سهم | 115,313.49 دولار |
منحَني ذلك 6000 سهم من الأسهم الجديدة المُقسمة. الآن جلست هادئًا، وتماسكت بينما بدأ السهم يقلع مثل الصاروخ.
في بداية ديسمبر، عندما رأيت سهم “القيادة العالمية” يتصرف بشكل صحيح، أخبرت سكرتيري عنه. أخبرته أن يشتري عندما يصل إلى 31 ¾. قلت له: “إذا ذهب أسفل 30 فاقبل بالخسائر وبعه، وما عدا ذلك، فتمسك به من أجل صعود كبير. لو اضطررت لأخذ الخسائر فسوف أتحملها”.
وحدَث أن والده كان من الطراز القديم، يعتمد على التحليل المالي بصورةٍ نقيةٍ، وعندما سمع اقتراحي له، أخبر ابنه بألَّا يكون أحمق. وقد كان مبرره: “ما المغزى من شراء سهم إذا لم يكن يهبط؟ إنه يحكُم عليك بأن تشتري فقط السهم الذي يرتفع”، كما لو أن أحدًا يمكنه أن يتأكد من ذلك. كذلك أخبره بأنه يريد فحص القوائم المالية للشركة ليتأكد من أنها سليمة البنية.
استمع سكرتيري لنصيحة أبيه، فلم يستثمر أيَّ أموالٍ في السهم، ولكن انتظر حتى ينهي العجوز فحصه للقوائم المالية للشركة. وبينما هو منغمس في مهمته، كان السهم قد صعد إلى 50.
تزامنًا مع سهم “القيادة العالمية”، كنت أراقب سهمًا آخرَ بهرني أداؤه. كان سهم شركة “ثايكول الكيميائية” THIOKOL CHEMICAL.
لقد جذب انتباهي لأول مرة في فبراير 1958 عندما كنتُ في طوكيو، وقد تم تقسيمه قريبًا بنسبة 2 إلى 1 وقد كان عُرضةً للتداول المكثف قبل أن ينخفض لصندوق 39/47. وقد ظل هادئًا داخل هذه الحدود لعدة أشهر.
بينما كنت أتفحصه بهدوء في صحيفة البارونز، كانت هذه المساحة من الهدوء تشبه بركة في أيام الصيف، ولكن بطريقةٍ ما كان لديَّ شعورٌ بأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.
في مارس أرسلت تِلغراف لنيويورك:
“سعر ثايكول”
وصلت برقيات الأسعار كما ينبغي فيما عدا بضعة أسابيع من موجة تساقط ثلج شديد في أبريل، لم يحدُث أي شيء يُذكر. بعد بضعة أسابيع، أرسلت التلغراف التالي من هونج كونج:
“أوقف أسعار ثايكول ابدأ إرسالها مرة أخرى إذا ارتفعت فوق 45”
لقد استنتجت أنه لو وصل مرة أخرى للإطار الأعلى لصندوقه، فإن ذلك سيكون الوقت المناسب لمراقبته من جديد. وقد كان الأسبوع الأول من أغسطس هو ذلك الوقت الذي عاد اسم “ثايكول” فيه للظهور على برقياتي، وفوق سعر 45، كان يبدو وكأنه يُحمي عضلاته من أجل قفزة لأعلى، فقررت القيام بشراء استكشافي، وأرسلت التلغراف التالي:
“اشترِ 200 ثايكول 47 ¼”
تم تنفيذ الأمر على هذا السعر بتكلفة 9,535.26 دولار. بعد ذلك استغرق “ثايكول” ثلاثة أسابيع ليجد قوته الحقيقية. مع نهاية أغسطس، شعرت بأن اللحظة قد حانت، فأرسلت تِلغراف لنيويورك:
“اشترِ 1,300 ثايكول 49 ½ مُعلّق”
تم تنفيذ الأمر على 49 ⅞ في يوم 2 سبتمبر 1958. كلفني ذلك 65,408.72 دولار.
مع امتلاكي الـ 1,500 حصة، رأيت السهم يصعد بقوة فوق 50 ويتداول داخل المدى 52 – 56.
بعد ذلك بأسبوع، وصلتني ملحوظة بأن شركة “ثايكول” قررتْ إصدارَ حقوق اكتتاب في الأسهم. هذه كانت تعطى كهدية تشجيعية للمُساهم بمعدل حق اكتتاب واحد لكل سهم. بالمقابل، فبحوزتك 12 من هذه الحقوق يمكنك شراء سهم واحد من “ثايكول” بسعر خاص وهو 42 دولارًا. بما أن سعر السهم السوقي فوق الـ 50، فإن ذلك العرض يبدو رخيصًا، إذا أردت تبديل حقوق الاختيار التي تمتلكها. وإذا لم تشأ، يمكنك بيع حقوق الاكتتاب في بورصة أمريكا لتداول الأوراق المالية حيث يتم إدراجهم في قوائم البورصة للتداول عليهم لفترة محدودة.
ومع ذلك فقد كانت هناك خاصية مهمة في هذه الحقوق جعلتها مثيرة للاهتمام. وفقًا لقوانين التداول، إذا تم استخدام الحقوق لشراء أسهم الشركة يمكنك عندها الاستفادة مما يسمونه “حساب الاشتراك الخاص”؛ فعندما تودع الحقوق التي لديك في هذا الحساب، يُسمح للسمسار بأن يقرضك حتى 75% من القيمة السوقية الحالية للسهم. بالإضافة إلى أنه لم يكن هناك رسوم عمولات على الصفقات.
لقد اندفعتُ بحماسةٍ نحو الأمر؛ فقد كانت هناك فرصة بالنسبة لي لشراء كمية ضخمة من الأسهم بالهامش. قررت الدخول في هذه الصفقة بكل ما لديَّ من أموال سائلة، فقمت بعمل كشف حساب سريع لموقفي، وهكذا بدا وضعي:
رأس المال الأساسي | 36,000 دولار | ||||
صافي الأرباح (بعد خصم الخسائر) | 319,000 | ||||
إجمالي رأس المال | 355,000 دولار | ||||
مسحوبات نقدية | 160,000 | ||||
متبقٍّ للاستثمار | 195,000 دولار | ||||
المُشتريات المملوكة حاليًّا | |||||
3,000 سهم “القيادة العالمية” | 115,300 دولار | ||||
1,500 سهم “ثايكول” | 75,000 | ||||
190,300 دولار | |||||
70% نقد تحت قواعد الشراء بالهامش | 133,000 دولار | ||||
مبلغ متبقٍّ لمزيد من الاستثمارات | 62,000 دولار | ||||
ولكن الآن هناك تطور مهم في الأمور؛ فبينما كنت أحاول ترتيب أموري مع نيويورك، اكتشفت أنه – وبصرف النظر عن كون القوانين تسمح بالاقتراض حتى 75% – فقد كان هناك تفاوت كبير بين السماسرة فيما يتعلق بكمية الأموال التي يمكنني أن أقترضَها منهم فيما يخص حساب الاشتراك الخاص؛ فبينما أحد السماسرة لا يريد أن يقرضني إلا 75% من سعر الصفقة للسهم، فإن سمسارًا آخرَ كان مستعدًّا لأن يقرضني 75% من القيمة السوقية للسهم. وبوصول سعر “ثايكول” السوقي إلى 55، كان الاقتراح الأخير جذابًا للغاية، فمضيت إلى الاستفادة من ذلك.
اشتريت 36,000 حق اكتتاب بمتوسط سعري 1 5/16 ودفعت 49,410 دولار من أجل ذلك. لقد ملكوني الحق لشراء 3,000 سهم في “ثايكول” بسعر 42 دولارًا للسهم الواحد. ذلك كلفني 126,000 دولار، ولكن بفضل “حساب الاشتراك الخاص”، ما كان عليَّ سوى أن أضيف 6,000 دولار فقط نقدًا. وباقي الأموال كانت مُقترضة من أحد السماسرة الذين أتعامل معهم.
بدا هذا الترتيب ملائمًا جدًّا حتى إنني قررت الاستفادة أكثر من هذه الفرصة للاقتراض؛ فقد وجدت أنه ببيعي الـ 1,500 سهم التي أمتلكها في “ثايكول”، يمكنني شراء ضعفها مرة أخرى بحسب قواعد “حساب الاشتراك الخاص”.
فبعت أسهمي بمتوسط سعري 53 ½، وذلك أعطاني قوة شرائية جديدة قدرها 57,000 دولار، وبهذه الأموال اشتريت بلوكًّا آخر بـ 36,000 حق اكتتاب. وكما فعلت في العملية السابقة، حولتهم إلى بلوك آخر من 3,000 سهم من أسهم “ثايكول”.
وبدت العملية كما يلي:
أ) | بيع | 1,500 سهم “ثايكول”، |
ب) | شراء | 36,000 حق اكتتاب في “ثايكول” وبواسطة ذلك، |
ج) | شراء | 3,000 سهم في “ثايكول”. |
إجمالي تكلفتي من أجل الـ 6,000 سهم هي 350,820 دولار. |
في الأسبوع الثاني من ديسمبر، تم نقل سهم “ثايكول” من البورصة الأمريكية لتداول الأوراق المالية إلى سوق نيويورك للأسهم، فارتفع في لحظتها 8 نقاط لأعلى، وفي الأسبوع التالي لامس علامة الـ 100. لا بد أن سمساري كان متوترًا بينما كان السهم يستمر في ارتفاعه لأعلى، لأنني تلقيت منه تِلغرافًا يقول فيه:
“أرباحك في ثايكول الآن 250,000 دولار”
جاءني هذا التلغراف بينما كنت في فندق جورج الخامس في باريس. لقد أدركت فجأة أنني كُنت مشغولًا بمتابعة برقيات الأسعار لدرجة أنني كدتُ أنسى الأرباح الورقية التي تتراكم. بإضافة أرباحي في سهم “بروس”، فأنا الآن أمتلك أرباحًا تفوق نصف مليون دولار! كان هذا المال أكثر بكثير في الواقع من أيٍّ ممَّا اعتقدت أنني سأملكه. إنه سيجعلني غنيًّا مدى الحياة.
إن إدراك أنني أمتلك كل هذا المال، جاءني كمفاجأةٍ مُذهلةٍ. كل خليةٍ من وجودي بدت كأنها تقول “بِعْ، بِعْ”. وكان هذا أكبر إغراء في العالم.
ماذا يجب أن أفعل؟ فهل مازال السهم سيرتفع، أم عليَّ أن أجني أرباحي وأخرج؟ ربما لن يصعد أكثر من ذلك؛ فقد يكون هناك سقوط لأسفل. كانت معضلة رهيبة؛ فشخصيتي القديمة التي تسألني “متى البيع” كانت تجذبني بسبب الكم الكبير من الأموال المُهدَّد بالضياع. فإذا قُمت بالعمل الصائب هنا، فإن ذلك قد يغير حياتي برمتها، وإذا وقعت في الخطأ، فسأندم مدى حياتي.
شعرتُ بأنني وحيدٌ تمامًا؛ فلم يكن هناك شخص على وجه الأرض يمكنه أن يعطيني نصيحة حول هذا الموقف. قررت الخروج والتنزه بمفردي والتفكير في الوضع. ولكن قبل أن أخرج، جلست على طاولة التزيُّن الخاصة بي، وكتبت على كارت صغير هذه العبارة “تذكر بروس!”، وفكرت في أن ذلك سيساعدني على تذكُّر ما تعلمته في الماضي.
بينما كنت أجوب باريس، استمررت في تحسس هذا الكارت الذي في جيبي. في كل مرة كنت أشعر فيها بأنني سأرسل تِلغرافًا لسمساري لأخبره ببيع “ثايكول”، كنت أسحب الكارت وأنظر إليه وأتردد.
أخيرًا، قررت عدم البيع. لقد كان أفضل مثال على أسلوبي الجديد في التداول وقد كان ذلك أبعد ما يمكن عن السهولة في فعله. مع عودتي للفندق كنت منهكًا تمامًا. لا بد أنني كنت أبدو كرجلٍ سينتحر أكثر من كوني شخصًا حقق للتو ثروة صغيرة.
ولكنني أثبتُّ أنني على حق. استمر “ثايكول” في الارتفاع، وباتخاذي قرارَ عدم البيع في باريس، كنت قادرًا على تحقيق المزيد من المال من وراء هذا السهم.
بعد عدة أسابيع على ذلك، وفي يناير 1959، عُدت لنيويورك. وعندما هبطت في مطار إيدلويلد، كنت أمتلك 6,000 “ثايكول” و6,000 “القيادة العالمية”، وكلاهما كان أداؤه جيدًا في الواقع. “ثايكول” كان يقف عند علامة الـ 100 مارك و”القيادة العالمية” ارتفع إلى 45.
في نيويورك، كان موعدي الأول للقاء السماسرة الذين أتعامل معهم، لمناقشة صفقاتي في وول ستريت معهم. لقد أخبروني أنه بناءً على كشوف حساباتي، فإن استثماراتي قد حققت لي أكثر من نصف مليون دولار.
شعرت بالسعادة والثقة والنجاح. حجزت لنفسي غرفة في فندق بلازا، وقررت أنه خلال فترة بقائي يجب عليَّ أن أستكمل صفقاتي في سوق الأسهم عن قُرب.
لم أكن أعرف كيف كنت أستعدُّ لأن أجعل من نفسي أحمق في غضون الأسابيع القليلة التالية. فمع الأسابيع القليلة القادمة، كُنت سأضع نفسي في صفير الخراب.