الفصل الثاني: الطريقتان اللتان أستخدمهما لتحديد التجميع والتوزيع

كما قلت سابقًا، الشيء الوحيد الذي سيدفع سعر السهم للأعلى هو غلبة المشترين. على العكس من ذلك، فإن الشيء الوحيد الذي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار هو كثرة البائعين.

كانت دراستي لموضوع التجميع والتوزيع مدفوعة بملاحظات عارضِة قديمة عندما كُنت اجلس في غرفة العملاء داخل احدى شركات السمسرة. في ذلك الوقت كُنت أحاول فهم مَاهِيَة قراءة شريط الأسعار. كُنت أقضي كل ساعة من ساعات التداول في السوق وأنا أستمع لأحاديث شريط الأسعار. ولكنني لم أُحرِز أي تقدم وبالتأكيد لم أجِد أنه من الممكن “استيعاب” ما يقوله شريط الأسعار.

كان يتردد على هذه الغرفة سيدة قليلة الحجم وكان يبدوا عليها دائما أنها تريد بيع أو شراء سهم ما ولكنها لم تفعل هذا أبدًا. كان لاَبُدَّ وأن يَفُوتَها القارب بيوم، أو بنقطة، لمئات ومئات من الأسهم التي حققت فوز كبير. أو على الأقل هذا ما كانت تَدَّعِيه، وأنا أمِيل إلى تصديقها. لقد كان سوء حظ مؤسف.

في أحد الأيام، بدأ سهم كانت تتبعه هذه السيدة، والذي كانت تروج له على نطاق واسع على أنه سهم قوي للغاية، في الانخفاض. في غضون دقائق، انخفض بثلاث نقاط. بحلول نهاية اليوم، كان قد فقد خمس دولارات من سعره. في اليوم التالي لم تشعر السيدة بالراحة حيث استمر السهم في الانخفاض على الرغم من حقيقة أن السوق كان يرتفع!

كانت ضغوط الخسارة تلحق بها، فصرخت في وجهه جميع من فالغرفة قائلة، “لماذا بحق الجحيم ينخفض هذا السهم؟”

فرد عليها صديقي القديم، الجالس في الصف الخلفي، بصوت عالٍ إنه يعرف بالضبط سبب هذا الانخِفاض الحار لسعر السهم!

حسنًا، لقد كان هذا كثيرًا جدًا على السيدة الصغيرة. فعادت مسرعة إلى زميل الغرفة هذا، طالبة منه أن يُخبرها بالضبط لماذا كان السهم ينخفض. كان من الواضح أنها كانت مستاءة لأن الزميل لم يخبرها ذلك بسرعة. ومع ذلك، فقد خفف من حِدة غضبها حقيقة أن شخصًا ما سيعطيها أخيرًا السر وراء النشاط السعري لسهمها.

سوف أُطلِق على صديق الغرفة هذا اسم “دونْ” Don، لقد عمل كسمسار لسنوات طويلة. لقد نجى من انهيار السوق (في حين لم ينجو منه الكثير من السماسرة) مما أكسبه قدرًا كبيرًا من البصيرة في فهم الناس والبورصة. ومن بين كل من كانوا يجلسون في تلك الغرفة، كان هو الوحيد الذي يملك مبلغ كبير من المال، يجعله يبدوا مثل المُعلم الحكيم.

لم يَعُد بإمكان دونْ احتواء نفسه. استرخى على كرسيه وقال لها، “يمكن لأي أحمق أن يخبرك بسبب انخفاض سعر أَسهُمِك… كان هناك بائعون أكثر من المشترين!”

أدهشت الإجابة كل من في الغرفة، لقد أصرت المرأة القصيرة على أَنَّهَا لم تكن تمزح وطلبت منه أن يخبرها بالطريقة التي يمكن من خلالها أن يعرف أذا كان هناك بائعين أكثر من المشترين. ولكن “دونْ” لم يكن لديه إجابة على هذا السؤال.

إن ما حدث للتو كان واحد من نقاط التحول في مسيرتي المِهَنِيَّة. لسنوات جربّت العديد من أنظمة انتقاء وتوقيت الأسهم. لكن عند التفكير، رأيت أن أياً منهم لم يحاول تحديد مقدار الشراء أو البيع الذي يحدث في السوق. كانوا جميعًا يرتكزون على شيء آخر… شيء قد يؤثر على أسعار الأسهم من وقت لآخر، لكن مكونات التنبؤ الخاصة لم تكن موجودة دائمًا.

لقد أصاب “دونْ” كبد الحقيقة، ففي الواقع، تتحرك الأسهم نتيجة لاختلال التوازن ما بين المشترين والبائعين. وكل ما كُنت احتاج لفعله هو تطوير طريقة لقياس هذه المُكَوِّنَات. لن ازعجكم بالعدد الهائل من التقنيات الفاشلة التي خدعتني قبل أن أصِل أخيرًا إلى ما أشعر بأنه أفضل طريقتين لتحديد التجميع والتوزيع. لقد كشفت دراساتي الأولى أن هناك أنواعًا عديدة من المشترين والبائعين في السوق، لكن المجموعة الصغيرة التي وصفتُها بـ “المحترفين”، كانت تستحق المتابعة.

اكتشاف المحترفين

هناك سؤال قديم في سوق الأسهم من شأنه أن يدفع أفضل رهبان البوذية إلى التفكير مليًا. فهؤلاء الرهبان معروفون بتأملهم للأسئلة الغير قابلة للإجابة. فتخيل لو اعطيناهم السؤال الأكثر صعوبة في سوق الأسهم وهو “إذا كان هناك مشترٍ لكل بائع، فكيف يمكن أن تتغير الأسعار، حيث أن البيع والشراء متساويان دائما؟”، أنا لست راهب بوذي لأجِد إجابة لهذا السؤال. وصدقوني أنه كان من المحيّر التفكير في العلاقة ما بين العرض والطلب. ولكن بحثي في الموضوع قَضِى على الكثير من هذا الالتباس لأنني سُرعان ما اكتشفت أن علاقة الفرد الواحد ليس لها تأثير يُذكر على الأسعار. وبدلًا من ذلك، تعلمت أنه من المهم ملاحظة الوقت والسِعر الذي يرغب عنده المشترون في الانتقال إلى السهم أو للخروج منه. إن هذا جُزء من السر!

سأعطيكم مثال للتوضيح. في ربيع عام 1971، أَوصَيت بشراء “بوش ولومب” Bausch & Lomb في خِدمَتي الاستشارية عندما بدى أن السهم يتم تجميعه من منطقة الـ 50 دولارًا. وفي توصياتي احتفظنا بالسهم حتى 150 دولارًا بمكسبِ 100 نقطة! وعندما وصل السهم للمنطقة ما بين الـ 150 – 180 ظَهّر مشتري إضافي للسهم؛ ولكن عملية الشراء التي قام بها لم تكُن احترافية، فقد كان شراءه غير مُخطط. عرفت ذلك لأن قيمة السهم قد تضاعفت بالفعل! كان المحترفون، وهم الأشخاص الأذكياء حقًا، يشترون السهم في نطاق يتراوح ما بين 30 و60 دولارًا. هؤلاء هم الأشخاص الذين حصلوا على أكبر مكاسب – هؤلاء هم أذكى المستثمرين.

لقد قمت أيضًا ببيع “بوش ولومب” على المكشوف عند 180 – 190 دولارًا وكان من دواعي سروري أن أراها تسقط بحِدة إلى مستوى الـ 60 دولار. لقد نجح الوضع أيضا في حالة هبوط الأسعار. لقد كان الأشخاص الذين يشترون الأسهم في منطقة الـ 180 غير مُطلعين، وكانوا آخر من يقف في الصف، إذا صح التعبير.

إن النقطة التي أحاول توضيحها هي أنه عند تحليل علاقة البيع والشراء، يجب أن تأخذ شيئين في الاعتبار. هما:

  1. أين كان السهم
  2. إلى أين يمكن أن يذهب

هناك شيء آخر مهم يجب ملاحظته بشأن الشراء أو البيع وهو ما يحدث في السوق نفسه. إن هؤلاء المُستثمرون أو التجار الذين يقومون بتجميع الأسهم بقوة في تلك الأيام التي ينخفضُ فيها السوق هم بالفعل شجعان وواثقين في وجهة نظرهم. فَردُّ الفعل الطبيعي لليوم الذي ينخفض فيه السوق هو التوقف عن الشراء. إن هذا يظهر بشكل أوضح في اتجاهات حجم التداول. فمع تحرك السوق هبوطًا، يستمر حجم التداول اليومي في الانخفاض.

لذلك، فعِندما ألاحظ حدوث عملية شراء على الرغم من انخفاض السوق، يُصبح لَديَّ عَلامَة على أن هناك شخصًا ما يعرف ما يفعله، وسأرغب في اتباع هذا النوع من المتداولين المُطلعين بقدر ما أستطيع.

القوة المُقارنة، وسر متابعة جميع الأسهم

يندهش الكثير من الناس من أنه يمكنني متابعة جميع الأسهم المتداولة تقريبًا، وفي لحظة، يمكنني تَحدِيد ما إذا كان السهم يخضع للتجميع أم التصريف بشكل أَسَاسِي. في الحقيقة لا يوجد سِر في هذا بخِلاف إدراك ما قلته في الفقرة السابقة.

فكما ترى، لاكتشاف التجميع الاحترافي، كل ما نحتاج إلى القيام به هو العثور على نمط مُحدد ومُنتظم للشراء في مواجهة ضعف السوق. فعندما يحدث ذلك، يُصبح لدينا فكرة جيدة عن وجود شراء احترافي في السوق.

سيظهر البيع الاحترافي عندما نرى بيعًا ثابتًا وحازمًا في مواجهة سوق قوي. أي عندما يرتفع السوق، ولكن ضغوط البيع تدخل إلى سهم معين، عندها يُمكننا المراهنة على أن لدينا سهمًا يخضع لعمليات بيع احترافية مبنية على نهج مُطَّلِع.

من الأسهل رؤية تأثير الشراء والبيع في اتجاهات أسعار الأسهم الفردية. سوف أُخبِرُك لاحقًا عن طرقًا أخرى لتحديد التجميع والتوزيع وتحليلهما بالكامل، ولكن هذا ضروري. عليك أن تتذكر أن تأثيرات البيع والشراء ستظهر أولاً في الأسعار نفسها.

هناك نمط لكل شيء – وبالأخص التجميع

إن إدراك ظهور أولى علامات التجميع أو التوزيع الظاهرة في سعر السهم يضعنا في المقدمة كثيرًا. يمكننا الآن البدء في التركيز على تحديد التجميع والتوزيع من خلال الأنماط بمساعدة مُخططات الأسهم البسيطة.

كما يعلم العديد من متابعي خَدَمَاتِي للاستشارات المالية، فأنا لست مُهتم بالأنماط السعرية وإشاراتها التقليدية. ففي الواقع، وهو رأيي الشخصي، إن رسَّامي الأنماط السعرية “لا يعرفون ما يفعلونه”. لكن ذلك لا يستبعد الاستخدام الذكي للرسومات البيانية للأسهم.

كيفية استخدام الرسوم البيانية للأسهم

تَذَكَّر أننا نريد الكشف عن التجميع والتوزيع الاحترافي. لقد أثبتنا أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي من خلال العثور على الأسهم التي يختلف نشاطها السعريّ عن السوق ككُل. يمكننا بسهولة القيام بذلك من خلال أخذ الرسم البياني لأي من مؤشرات السوق الرئيسية مثل مؤشر “داوجونز الصناعيّ”، مؤشر “نيس المُركب” أو مؤشر “ستاندرد اند بورز ” ثم مقارنة تكوين المؤشر مع اتجاه حركة أي سهم فردي.

يمكنك في لحظة تحليل أي سهم تقريبًا عن طريق مقارنة نشاطه السعري بحركة جميع الأسهم، كما يمثلها مؤشر السوق!

لتبسيط تقنية التقييم هذه بشكل أكبر، ابتكرتَ ما أسَميه “أنماط التجميع والتوزيع”. فكل ما عليك فعله هو تدوين قيمة مؤشر السوق والنشاط الحركي لأي سهم لترى ما إذا كان نمط التجميع موجودًا. إذا كان الأمر كذلك، فلديك سهم مُرشح للشراء. أما إذا كان نمط التوزيع موجودًا، يُصبح لديك سهم مُحتمل للبيع على المكشوف.

نمط التجميع

لاكتشاف التجميع، نبحث عن انحراف صاعد ما بين السوق نفسه والسهم الذي نحاول تحليلَه. يمكنك رؤية الانحراف الصاعد بشكل أفضل عندما يفشل السهم في التأثر بشدة ضغوط البيع مثل عموم السوق. هناك طريقة أخرى لشرح هذا وهي أن السهم يتعرض للتجميع عندما لا يتطابق مع تحركات السوق الهابطة. بدلًا من ذلك، يصمد السهم بشكل أفضل من مؤشرات السوق في الحركات الهابطة ويرتفع بصورة أفضل في الحركات الصاعدة.

يمكن تمييز هذا بسرعة على الرسم البياني رقم أربعة. يمكنك أن ترى في مِثَالنا هذا على سهم “تيليكس” Telex في صيف عام 1969. لاحظ كيف أن مؤشر “داو جونز الصناعيّ” انخفض بشكل متكرر إلى قيعان جديدة، حيث استقل سُلم الهبوط لأسفل ولأسفل.

عمومًا، فإن سهم “تيليكس” لم يستطيع الانخفاض تدريجيًا، بل استقر فوق أدنى قيعانه بينما انخفض مؤشر السوق دون أدنى قاع له في المقابل. هذه علامة على التجميع القوي للغاية. ادرس هذا جيدا.

على الرغم من ضعف السوق، إلا أن حاملي هذا السهم لم يصابوا بالذعر. لقد احتفظوا بأسهمهم رغم أن السوق كان يتلقى ضربات قاسية. وبالتالي، يمكننا أن نفترض أن هؤلاء الأشخاص لديهم معرفة خاصة. فالضعف الشديد لم يزعجهم لأنهم كانوا يعلمون أن الأسعار المرتفعة في الطريق.

بالإضافة إلى هذا، فإن المشترون الجدد كانوا على استعداد للدخول ودعم وضع الأسعار الحالي. باختصار، بينما كانت معظم الأسهم الأخرى تنخفض، كان لدى شخص ما، في مكان ما، قناعات قوية بالصعود بما يكفي للتدخل وشراء هذا السهم بغض النظر عن ظروف السوق المحيطة.

ماذا يمكن أن يريد المرء أكثر من ذلك؟ ببساطة فقد رفض أصحاب الأسهم الحاليون البيع، في حين سرعان ما قوبلت موجات الضعف بعمليات شراء إضافية. كما يقولون، كان السهم في أَيدٍ قوية. كان تحت التجميع الاحترافي.

يمكن رؤية مثال آخر جيد في الرسم البياني رقم خمسة لمؤشر “داوجونز الصناعيّ” مقارنة مع سهم “لوڨيتز للأثاث”. لاحظ مرة أخرى أننا نرى السوق يهبط إلى قيعان جديدة. ولكن هذه المرة، بدلًا من رؤية سعر السهم وهو يتماسك في مواجهة الهبوط الذي يحدث في السوق، كما فَعَل سهم “تيليكس”، فإن “لوڨيتز” لم يتماسك فقط بل استمر في الصعود مُكَوِّنَا قمم وقيعان متتالية تصاعدية مع كل حركة تحدُث في السوق.

دعونا نحلل الموقف مرة أخرى. بينما كان السوق يتحرك إلى قيعان جديدة، لم يتمكن الدببة من إجبار سعر ” لوڨيتز” على الانخفاض. لماذا؟ هذا سؤال مهم.

بالرجوع إلى ما ذَكَرته سابقًا، تذكر أن السهم يتحرك للأعلى فقط إذا كان هناك مشترين أكثر من البائعين. كيف كان الوضع مع ” لوڨيتز”؟ هل كان هناك مشترين أكثر من البائعين؟ بالطبع نعم. هل كان هؤلاء المشترين أقوياء أم ضعفاء؟ أقوياء جِدًّا! فبعد كل شيء، وفي كل مرة كان يحدث فيها رالي قصير في السوق (والتي كانت في الواقع مجرد ردود فعل في اتجاه هبوطي عام) كان ” لوڨيتز” قادرًا على الارتفاع إلى قمم جديدة.

بِضع نصائح

أنا استَخدم الرسومات البيانية اليومية في سوق الأسهم. ليس هناك حاجة لأن تَحفظ الرسوم البيانية بنفسك. فهناك العديد ممن يقدمون خدمة رسم المخططات البيانية. كل ما عليك فعله هو إحضار ورقة وتتبع مؤشر السوق العام ثم مقارنته مع أسعار الأسهم. بذلك يصبح لديك أساس ممتاز للمقارنة يمكنك من خلاله أن تبدأ تحليلك.

كلما زاد الانحراف ما بين المؤشر العام للسوق وسهمك، كلما زادت الحركة المتوقع أن يقوم بها السهم بمجرد أن تبدأ. إن ما أريد قوله هنا حقًا هو أن الحركة المتوقعة من الانحراف الذي يستمر لبضعة أيام سيكون مدتها بضعة أيام. وسيؤدي الانحراف الذي يستمر لبضعة أسابيع إلى توقع حركة قد تستمر لبضعة أسابيع والانحراف لمدة شهر أو أكثر سيتوقع تحركات طويلة الأمد.

من المهم بشكل خاص أن تقارن سهمك بالسوق في المراحل الحرجة. (أعني بهذا نقاط الانعكاس المهمة في السوق). حقيقة أن سهمك قد صمد بشكل أفضل منذ يوم الخميس الماضي ليست بنفس أهمية حقيقة أن السهم قد صمد وأداؤه أفضل بكثير منذ آخَر قمة وقاع مهمين بالسوق.

نمط التوزيع

في حال لم تكن قد خَمَّنت ذلك، فإن نمط التوزيع هو مجرد عكس نمط التجميع لدينا. ما نبحث عنه هنا هو سهم ظَلَّ باستمرار دون أداء السوق. المثال الأكثر وضوحا هو الأسهم التي فشلت في بناء قمم جديدة بينما وصل رالي الصعود بالسوق إلى ارتفاعات جديدة.

في اثناء دراستك للرسم البياني رقم ستة، لاحظ أنه في معظم الأسهم، والتي يُعبر عنها مؤشر السوق، كانت قادرة على الارتفاع من حيث القيمة، ولكن هذا السهم بالذات لم يَقدِر على ذلك. كان البيع قادمًا في الوقت الذي كان السوق صاعد بِصُورَة عامة. بالتأكيد، لا يمكننا طلب دليل على البيع أو التوزيع الاحترافي أفضل من هذا!

لذلك، في نمط التوزيع الكلاسيكي، سنرى السوق يتحرك صعودًا إلى مستوى مرتفع جديد، بينما سيفشل السهم الخاضع للتوزيع الاحترافي في تحقيق نفس المستوى من الارتفاع. إن المدى الذي سينخفض له إلى ما دون هذا الارتفاع الجديد للسوق سيعطينا مؤشرًا على مدى عدوانية التوزيع. فكلما زاد الفشل، كلما أسرع المحترفون في الخروج من السهم.

هناك تداعيات أخرى لنمط البيع هذا. دعونا نلقي نظرة على القليل منها. أود أن أبدأ بعرض الرسم البياني في ربيع عام 1970 لسهم “ريتشفيلد الأطلسي” Atlantic Richfield. لم يكن لدينا نمط كلاسيكي هنا. لن يكون النمط الكلاسيكي موجودًا دائمًا. ومع ذلك، يمكن اكتشاف علامات كثيرة تدل على التوزيع.

في حالة “ريتشفيلد الأطلسي”، نرى أن السوق قد قام بارتفاع ديناميكي من النقطة “ا ” إلى النقطة “ب “. وكان هذا الارتفاع قويًا بما يكفي لرفع مؤشرات السوق، أي أن معظم الأسهم، عادت فوق أدنى مستوياتها السابقة عند النقطة “ج “.

لكن ماذا عن سهم “ريتشفيلد الأطلسي”؟ ما حدث هنا كان قصة مختلفة تمامًا. صحيح أن السهم قد صعد جنبًا إلى جنب مع باقي أسهم السوق، وبما أنه لم يكن هناك قمة جديدة في السوق، لم يكن لدينا نمط البيع الكلاسيكي. لكن، لاحظ مدى ضعف الارتفاع، خاصة عند مقارنته مع القاع السابق عند النقطة “ج “. وهي نَفس النقطة المنخفضة التي تمكنت معظم الأسهم الأخرى من الارتفاع فوقها. هل اتبع سهم “ريتشفيلد الأطلسي” حذو السوق؟ لا، إنه لم يقترب حتى من العودة إلى نفس المنطقة السعرية. كان تحت التوزيع الاحترافيّ!

يمكن رؤية نسخة مختلفة من نموذج التوزيع هذا في الرسم البياني لسهم “ناتوماسْ” Natomas، ومثال آخر في لعبة المتاجرة هذه. كل ما نحتاجه هو مقارنة ارتفاع سوق الأسهم من النقطة “ا ” إلى “ب ” مع ارتفاع “ناتوماسْ” من “ا ” إلى “ب ” في نفس الوقت. مَن مِنهم أظهر قوة أكبر؟ السوق. ماذا أخبرنا ذلك عن سهم “ناتوماسْ”؟ ببساطة أنه قَيد التوزيع. فبينما ارتفعت مؤشرات السوق، بالكاد حافظ سهم “ناتوماسْ” على ثباته، فتحرك في خط عرضيّ، بينما كانت معظم الأسهم الأخرى ترتفع بزاوية أكثر حِدة.

اُحصُل على نسخة من أي كتاب قديم للرسومات البيانية، وبضع من أوراق الرسم البياني، وانظر بنفسك إلى مدى فاعلية هذه الطريقة في اكتشاف التجميع والتوزيع… إنها بمثابة وَسِيلَة لفصل الكبار عن الصغار إن جَاز المَثل.

أفضل طريقة لاستخدام أنماط التجميع والتوزيع

ينطوي كسب المال من سوق الأسهم على المزج ما بين اختيار السهم المناسب مع توقيت الدخول. يمكنك بدء العمل الآن على الجزء الأول – اختيار السهم المناسب – وذلك من خلال عمل مسح لقائمة الأسهم التي تتداول عليها، وكل الأسهم الموجودة في الرسومات البيانية لديك ثم تحدد أقوى وأضعف سهم. سيستغرق الأمر نصف ساعة لعمل مسح شامل لقوائم الأسهم. وأولئك الذين يمتلكون رسوم بيانية للأسهم، سيتمكنون بسرعة من اكتشاف الأسهم التي تخضع للتجميع والتوزيع.

هذه نعمة عظيمة… إنه تقدم كبير، في مجال انتقاء الأسهم، لأنه يدفعك على الفور لتركز انتباهك على الأسهم التي تُبشر بالخير! فلا حاجة للبحث في كل قصة أو نصيحة تسمعها. ولا حاجة لقضاء عدد لا حصر له من الساعات في تحليل الميزانيات المالية للأسهم. وما هو أفضل، فإنك لو سمعت قصة مهمة حول سهم ما فإنك ستتمكن من التحقق من مدى صدقها من خلال العودة للرسومات البيانية للسهم ومعرفة ما إذا كان يُظهِر علامات واضحة بالتجميع أو التوزيع. هل حقيقة تحركات المحترفون في السوق تؤكد مصداقية القصة؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستكون موجودة باللون الأبيض أو الأسود على الرسم البياني للسهم!

يجب أن تكون الأنماط السعرية التي كَشفت لك عنها للتو هي طريقتك الانتقائية الشاملة والعامة. فبعد مسح العديد من الأسهم، يمكنك تضييق انتباهك إلى تلك التي تُظهِر أنماط صاعدة أو هابطة ثم تبدأ في متابعتها عن قرب.

نصائحإضافية

كما قلت سابقًا، كلما طالت مدة الانحراف الصاعد أو الهابط، كلما زادت أهميته بالنسبة للتحركات بعيدة المدى. لهذا السبب، يمكن أن تكون الطريقة ذات قيمة حقيقية لما قد تعتقد بأنه قد يمثل قمم أو قيعان رئيسية في سوق الأسهم.

في الواقع، واحدة من أفضل طرق الاختيار على المدى الطويل هي ببساطة: تحديد الأسهم التي لم تنخفض إلى مستويات دُنيا جديدة في نفس التوقيت الذي يصل فيه السوق إلى أحد حالات ذروة البيع القاسية والتي تقضي على حياة الكثير من الأسهم في السوق الهابط الدبّي وتشعل شرارة السوق الصاعد القادم.

كتحسين إضافي لهذه التقنية فسوف نستخدمها في المقارنة ما بين مؤشرات القطاعات المختلفة في السوق، مثل مؤشر قطاع المنازل، مؤشر القطاع الكيميائي إلخ، ضد مؤشرات السوق العامة لتحديد مجموعات الأسهم التي تُظهِر أقوى تجميع أو توزيع. ومن ثَم نُقلص حجم عملية البحث الذي تجريه إلى مجموعتين أو ثلاثة من تلك المجموعات المُختارة والتي تُظهِر الأنماط السعرية التي تبحث عنها. بالقيام بذلك، يمكنك مسح جميع مجموعات الأسهم في غضون 15 دقيقة، بما يغطي جميع الأسهم المدرجة في البورصة بصورة عملية. إن هذا أسرع وأرخص تكلفة من أي نظام كمبيوتر معروف حتى الآن! لحسن الحظ، تتضمن معظم خدمات الرسوم البيانية الأسبوعية على مُخططات بيانية لمؤشرات القِطاعات المختلفة. وفي حالة عدم رغبتك في متابعة خدمات الرسوم البيانية، فإن الصفحة الخلفية من صحيفة الـ “بارونز” Barron’s تحتوي على 36 رسم بياني لمؤشرات القطاعات المختلفة وتعطي أسعار الإغلاق الأسبوعية، صافي التغير، إلخ، وبذلك يمكنك إعداد الرسوم البيانية للمؤشرات بِنَفسِك.

عند فرز مجموعات الأسهم، ستجد العديد منها يتناسب مع العلامات العامة للتجميع أو التوزيع الاحترافي. ستحتاج بعد ذلك إلى تحديد واحد أو اثنين من هذه المجموعات للتداول عليها في حِسابك. يتم إجراء هذا الفحص الإضافي عن طريق اختيار العناصر التي تُظهِر أكبر تباعد في السعر والوقت مع السوق. تذَكّر، أن تتحقق من تباعد كُلا من السعر والوقت معًا.

في كثير من الأحيان، أجد أنني “أُجبِرُ نفسي” على الاقتناع بأن السهم يخضع لنمط التجميع أو التوزيع. وكل مرة أفعل فيها هذا تُكَلِفني المال. لا تحاول قراءة شيء غير موجود في أسهُمِك. ولا يجب أن تتجاهل علامات الهبوط بسبب الحالة العامة الصاعدة.

العودة للفهرس

Scroll to Top